كتاب الرسالة التبوكية = زاد المهاجر إلى ربه ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
كيف (¬1) صدّر القسم (¬2) بأداة النفي، ثم أثبتَ له خلافَ ما قالوه، فتضمنت الآية معنى (¬3) ليس الأمر كما يزعمون، ولكنه قرآن كريم.
ولهذا صرّح بالأمرين النفي والإثبات في مثل قوله: {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (16) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19)} (¬4).
وكذلك قوله: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2) أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ (3) بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ (4)} (¬5).
والمقصود أن افتتاحَ هذا القسمِ بأداة النفي يقتضي تقويةَ المُقْسَمِ عليه وتأكيده وشدةَ انتفائه.
وثانيها: تأكيدهُ بنفس القسم.
وثالثها: تأكيدهُ بالمُقْسَم به، وهو إقْسامُه بنفسه لا بشيءٍ من مخلوقاتِه، وهو سبحانَه يُقسِم بنفسه تارة، وبمخلوقاته تارة.
ورابعها: تأكيدهُ بانتفاء الحرج، ووجود (¬6) التسليم.
¬__________
(¬1) "كيف" ساقط من ط.
(¬2) ط، ق: "القول".
(¬3) ط: "أن".
(¬4) سورة التكوير: 15 - 19. وبعده في النسخ: "وما هو بقول شاعر", وليست ضمن هذه الآيات.
(¬5) سورة القيامة: 1 - 4.
(¬6) ط، ق: "وهو وجود".
الصفحة 30