كتاب الرسالة التبوكية = زاد المهاجر إلى ربه ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

وأصله: تتولوا، فحذفت إحدى التاءين تخفيفًا. والمعنى: أنه قد حُمِّلَ أداءَ الرسالة وتبليغَها، وحُمّلتم طاعتَه والانقيادَ له والتسليمَ؛ كما ذكر البخاري في "صحيحه" (¬1) عن الزهري قال: "من الله البيان، وعلى رسولِه (¬2) البلاغ، وعلينا التسليم".
فإن تركتم أنتم ما حُمِّلْتُموه من الإيمان والطاعة، فعليكم لا عليه؛ فإنه لم يُحَمَّلْ طاعتَكُم (¬3) وإيمانَكُم، وإنما حُمِّلَ تبليغَكم وأداءَ الرسالةِ إليكم. فإن تطيعوه فهو حظُّكم وسعادتُكم وهدايتُكم، وإن لم تطيعوه فقد أدَّى ما حُمِّل (¬4)، وما على الرسول إلا البلاغ المبين، ليس عليه هداكم وتوفيقكم (¬5).
وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (¬6)؛ فأمر سبحانه بطاعته وطاعة رسوله. وافتتح الآية بندائهم (¬7) باسم الإيمان المُشْعِر بأن المطلوب منهم من موجبات
¬__________
(¬1) تعليقًا في (13/ 503) وأخرجه ابن أبي عاصم في "الزهد" (71) ومحمد بن نصر المروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (1/ 487) وابن حبان في صحيحه (1/ 414) وأبو نعيم في "الحلية" (3/ 369).
(¬2) ط، ق: "الرسول".
(¬3) "طاعتكم و" ساقطة من ط.
(¬4) "فهو حظكم. . . ما حمل" ساقطة من ط، ق.
(¬5) ط: "هداهم وتوفيقهم".
(¬6) سورة النساء: 59.
(¬7) ط: "بالنداء".

الصفحة 42