كتاب الرسالة التبوكية = زاد المهاجر إلى ربه ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

الأمر، وسلّط عليهما عاملًا واحدًا. وقد كان ربّما يسبق إلى الوهم أن الأمر يقتضي عكسَ هذا؛ فإنه من يطع الرسول فقد أطاع الله، ولكن الواقع في الآية هو المناسبُ. وتحته سرٌّ لطيف؛ وهو دلالته على أن ما يأمر به رسوله تَجبُ طاعتُه فيه، وإن لم يكن مأمورًا به بعينه في القرآن، فتجبُ طاعةُ الرسول مفردةً ومقرونةً. فلا يَتوهّمُ مُتَوَهِّمٌ أن ما يأمر به الرسول إن لم يكن في القرآن (¬1) , وإلا فلا تجب طاعته في؛ كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يُوشِكُ رجلٌ شَبعانُ متكئٌ على أريكتِه يأتيه الأمرُ من أمري؛ فيقول: بيننا وبينكم كتابُ الله، ما وجدنا فيه من شيء اتبعناه، ألا وإنّي أُوتِيتُ الكتابَ ومثلَه معه" (¬2).
وأما أولو الأمر فلا تجب طاعةُ أحدهم إلا إذا اندرجت تحت طاعة الرسول، لا طاعة مفردة مستقلة؛ كما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "على المرءِ السَّمعُ والطاعةُ [فيما أحبَّ وكرهَ] (¬3) ما لم يُؤْمَرْ بمعصيةِ الله، فإنْ (¬4) أُمِرَ بمعصيةِ الله، فلا سمع ولا طاعةَ" (¬5).
¬__________
(¬1) "طاعة الرسول. . . القرآن" ساقطة من ق.
(¬2) أخرجه أحمد (4/ 132) والدارمي (592) والترمذي (2664) وحسَّنه، وابن ماجه (12) من طريق معاوية بن صالح عن الحسن بن جابر عن المقدام بن معدي كرب. وأخرجه أحمد (4/ 130) وأبو داود (4604) من طريق حريز ابن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي عوف عن المقدام. وصححه الألباني في تعليقه على "المشكاة" (163).
(¬3) من ط، وكذا الرواية.
(¬4) ط: "فإذا". ووردت الرواية بالوجهين.
(¬5) أخرجه البخاري (7144) ومسلم (1839) من حديث عبد الله بن عمر.

الصفحة 44