كتاب الرسالة التبوكية = زاد المهاجر إلى ربه ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

"البِرُّ والتقوى" اللذانِ (¬1) هما جماع الدين (¬2) كله، وإذا أُفرِدَ كلُّ واحد من الاسمينِ دخلَ فيه المسمَّى الآخر (¬3)، إما تضمنا وإمّا لزوما، ودخولُه فيه تضمنا أظهرُ؛ لأن البرَّ جزءُ مسمَّى التقوى، وكذلك التقوى فإنه (¬4) جزءُ مسمَّى البر، وكونُ أحدِهما لا يَدخل في الآخر عند الاقتران لا يَدل على أنه لا يَدخلُ فيه عند الانفراد (¬5).
ونظيرُ هذا لفظ "الإيمان والإسلام"، "والإيمان والعمل الصالح"، و"الفقير والمسكين"، و"الفسوق والعصيان"، و"المنكر والفاحشة" (¬6)، ونظائرُهُ كثيرة.
وهذه قاعدة جليلة، مَن أحاطَ بها زالَ (¬7) عنه إشكالات كثيرةٌ أَشْكَلَتْ (¬8) على طوائفَ كثيرة من الناس. ولنذكرْ من هذا مثالا واحدا يُسْتَدَلُّ به على غيره، وهو "البرُّ والتقوى".
فإن حقيقة البرِّ هو الكمالُ المطلوب (¬9) من الشيء، والمنافع التي فيه والخيرُ، كما يَدلُّ عليه اشتقاق هذه اللفظةِ وتصاريفها في الكلام.
¬__________
(¬1) في الأصل وسائر النسخ: "اللذين". والتصويب من ط.
(¬2) ق وبقية النسخ: "جماع الخير".
(¬3) في ط وسائر النسخ: "دخل في مسمى الآخر".
(¬4) "فإنه" ساقطة من سائر النسخ.
(¬5) ط: "انفراد الآخر".
(¬6) د: "الفاحش".
(¬7) ط: "زالت".
(¬8) في سائر النسخ: "عدة".
(¬9) "المطلوب" ساقطة من سائر النسخ.

الصفحة 5