كتاب الرسالة التبوكية = زاد المهاجر إلى ربه ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
الثالثة: بَثُّه (¬1) في الناس، ودعوتهم إليه.
الرابعة: صبره وجهاده (¬2) في أدائه وتنفيذه.
ومن تطلَّعتْ (¬3) هِمَّتُه إلى معرفة ما كان عليه الصحابة وأراد اتباعَهم؛ فهذه طريقتهم حقًا.
فإن شِئتَ وَصْلَ القومِ فاسلُكْ طريقَهم (¬4) ... وقد وَضَحَتْ للسالكينَ عِيانَا
وقال تعالى لرسوله - صلى الله عليه وسلم -: {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ (50)} (¬5).
فهذا نص صريح في أن هُدى الرسول - صلى الله عليه وسلم - إنما حصل (¬6) بالوحي، فيا عجبًا كيف يحصل الهدى لغيره من الآراء والعقول المختلفة والأقوال المضطربة؟ ولكن {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا (17)}. (¬7)
فأيُّ ضلالٍ أعظمُ من ضلالِ مَن يزعم (¬8) أن الهداية لا تحصل بالوحي، ثم يحيل فيها على عقلِ فلان ورأيِ فَلْتَان (¬9)؟ وقولِ زيدٍ وعمرو؟
¬__________
(¬1) ط، ق: "نشره".
(¬2) ق: "اجتهاده".
(¬3) ط: "طلعت".
(¬4) ط: "سبيلهم".
(¬5) سورة سبأ: 50.
(¬6) ط: "يحصل".
(¬7) سورة الكهف: 17.
(¬8) ط: "زعم".
(¬9) الفلتان من الرجال: الصلب الجريء الحديد الفؤاد. وهو هنا بمعنى فلان.