كتاب الرسالة التبوكية = زاد المهاجر إلى ربه ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

لم يُعَيِّنْ (¬1) هذا الخليلَ، وكنّى عنه باسم فلان، إذْ لكلِّ متبعٍ أولياءُ (¬2) من دون الله فلانٌ وفلانٌ.
فهذا حال هذين الخليلين المتخالَّينِ على خلاف طاعة الرسول، ومآل تلك الخُلَّةِ إلى العداوة واللعنة؛ كما قال تعالى: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (67)} (¬3).
وقد ذكر تعالى حال هؤلاء الأتباع وحال من اتبعوهم (¬4) في غير موضع من كتابه؛ كقوله تعالى: {يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَالَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا (66) وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (67) رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا (68)} (¬5).
تمنى القوم طاعة الله وطاعةَ (¬6) رسوله حين لا ينفعهم ذلك، واعتذروا بأنهم أطاعوا كُبَراءَهم ورؤساءهم، واعترفوا بأنهم لا عُذرَ لهم في ذلك، وأنهم أطاعوا الساداتِ والكُبراء وعَصَوا الرسول، وآلت تلك الطاعة والموالاة إلى قولهم: {رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا (68)}. وفي بعض هذا عبرةٌ للعاقل وموعظة شافية، وبالله التوفيق.
¬__________
(¬1) "إنه سبحانه لم يعيّن" ساقطة من ط، ق.
(¬2) في الأصل: "وليا".
(¬3) سورة الزخرف: 67.
(¬4) ط: "تبعوهم".
(¬5) سورة الأحزاب: 66 - 68.
(¬6) "طاعة" ساقطة من ط.

الصفحة 52