كتاب الرسالة التبوكية = زاد المهاجر إلى ربه ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ (88)} (¬1)، فلما كفروا وصَدُّوا عِبادَه عن سبيله عذَّبهم عذابين: عذابًا بكفرهم، وعذابًا بِصدِّهم عن سبيله.
وحيث يذكر الكفر المجرد لا يعدّد العذاب؛ كقوله: {وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104)} (¬2).
وقوله تعالى: {أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ} يعني: ينالهم ما كتب لهم في الدنيا من الحياة والرزق وغير ذلك.
{حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ}؛ أين من كنتم تُوالون فيه وتُعادون فيه، وتَرجونه وتخافونه من دون الله؟ (¬3) {قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا}. زالوا وفارقوا، وبطلت تلك الدعوة.
{وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (37) قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ}، ادخلوا في جملة هذه الأمم.
{كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ} كل أمة متأخرة ضلّت بأسلافها (¬4).
{رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ} ضَاعِفْ عليهم
¬__________
(¬1) سورة النحل: 88.
(¬2) سورة البقرة: 104، سورة المجادلة: 4.
(¬3) "أين. . . دون الله" ساقطة من ط.
(¬4) ط: "متأخرة لأسلافها".

الصفحة 54