كتاب الرسالة التبوكية = زاد المهاجر إلى ربه ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

ونَفَعَه (¬1) ما بعثني الله به، ومَثلُ من لم يَرْفَعْ بذلك رأسًا, ولم يَقبلْ هُدى الله الذي أُرسِلْتُ به" (¬2).
فشَبَّه - صلى الله عليه وسلم - العِلْمَ الذي جاء به بالغيث؛ لأن كلًّا منهما سببُ الحياة، فالغيث سببُ حياة الأبدان، والعلم سبب حياة القلوب.
وشَبَّه القلوبَ القابلةَ للعلم بالأرض القابلة للغيث؛ كما شبّه سبحانه القلوب (¬3) بالأودية في قوله تعالى: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا} (¬4).
وكما أن الأرضين ثلاثة بالنسبة إلى قبول الغيث:
إحداها: أرضٌ زكيَّةٌ قابلةٌ للشُّرب (¬5) والنبات؛ فإذا أصابها الغيثُ ارتَوَتْ منه، ثمّ أنبتتْ (¬6) من كل زوجٍ بهيجٍ.
فهذا (¬7) مثل القلب الزَّكي الذَّكي؛ فهو يقبل العلم بذكائه، ويُثْمِرُ فيه وجوهَ الحكم ودين الحق بزكائه؛ فهو قابلٌ للعلم، مُثْمِرٌ لموجبِه وفقهِه وأسرارِ معادنِه.
¬__________
(¬1) ط: "الدين فنفعه".
(¬2) أخرجه البخاري (79) ومسلم (2282) من حديث أبي موسى الأشعري.
(¬3) "وشبَّه. . . القلوب" ساقطة من ط، ق.
(¬4) سورة الرعد: 17.
(¬5) ط، ق: "للشراب".
(¬6) ط: "يثمر النبت".
(¬7) ط، ق: "فذلك".

الصفحة 62