كتاب الرسالة التبوكية = زاد المهاجر إلى ربه ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

فصل

وأما النوع الثاني من الأتباع السُّعَداء (¬1): فهم أتباع المؤمنين من ذريّتهم، الذين لم يثبت لهم حكم التكليف في دار الدنيا، وإنما هم مع آبائهم تَبَعٌ لهم. قال الله تعالى فيهم: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21)} (¬2).
أخبر سبحانه أنه ألحق الذُّرية بآبائهم في الجنة، كما أَتْبَعَهم إياهم في الإيمان, ولما كان الذُّرية لا عَمَلَ لهم يستحقون به تلك الدرجات قال تعالى: {وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ}، والضمير عائد إلى الذين آمنوا؛ أي: وما نَقَصْنَاهم شيئًا من عملهم، بل رفعنا ذريّتهم إلى درجاتهم، مع توفيتهم أجورَ أعمالهم؛ فليست منزلتُهم منزلةَ من لم يكن له عمل، بل وفَّيناهم أجورَهم، وألحقنا بهم ذرياتهم (¬3) فوق ما يستحقونه (¬4) من أعمالهم.
ثم لما كان هذا الإلحاق في الثواب والدرجات فضلًا من الله، فرُبما وقع في الوهم أن إلحاقَ الذريةِ أيضًا حاصلٌ بهم (¬5) في حكم
¬__________
(¬1) "السعداء" ساقطة من ط، ق.
(¬2) سورة الطور: 21.
(¬3) ط: "ذريتهم".
(¬4) ط: "يستحقون".
(¬5) ط: "لهم".

الصفحة 65