كتاب الرسالة التبوكية = زاد المهاجر إلى ربه ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

التوكل عليه، والاستعانة به، والانطراح بين يديه كالإناءِ (¬1) المَثْلُوم المكسور الفارغ الذي لا شيءَ فيه، يتطلعُ إلى قَيِّمِه ووَلِيِّه أن يَجْبُره (¬2)، ويَلُمَّ شَعَثَه، ويُمِدَّه من فضلِه ويستره، فهذا الذي يُرجَى له أن يتولى الله هدايتَه، وأن يَكشِفَ له ما خفي على غيره من طريق هذه الهجرة، ومنازلها.

فصل
ورأس مال (¬3) الأمر وعموده في ذلك إنما هو: دوامُ التفكر وتدبر آيات القرآن (¬4)، بحيث (¬5) يستولي على الفكر، ويَشْغَل القلبَ، فإذا صارتْ معاني القرآنِ مكانَ الخواطرِ من قلبه وهي الغالبةُ عليه، بحيث يَصير إليها مَفْزَعُه ومَلْجَؤُه، تَمَكَّنَ حينئذٍ الإيمانُ من قلبه (¬6)، وجلس على كرسيه، وصار له التصرفُ، وصار هو الآمر (¬7) المطاع أمره؛ فحينئذٍ يستقيم له سَيْرُه، ويتضح له الطريق، وتراه ساكنًا وهو يُبارِي الريحَ: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} (¬8).
¬__________
(¬1) ط: "انطراح".
(¬2) ط: "يجده".
(¬3) "مال" ساقط من ط.
(¬4) ط، ق: "الله".
(¬5) ط، ق: "حيث".
(¬6) "وهي الغالبة. . . قلبه" ساقطة من ط، ق.
(¬7) ط, ق: "الأمير".
(¬8) سورة النمل: 88.

الصفحة 70