كتاب الرسالة التبوكية = زاد المهاجر إلى ربه ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

وقوله: {إليهم} متضمنٌ لمدحٍ وأدبٍ آخر (¬1)، وهو إحضار الطعام إلى بين أيدي (¬2) الضيف، بخلاف من يُهيِّئُ الطعامَ في موضع، ثم يُقِيم ضيفَه؛ فيُورِدُه عليه.
وقوله: {قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (27)} فيه مدحٌ وأدب آخر (¬3)؛ فإنه عرض عليهم الأكل بقوله: {أَلَا تَأْكُلُونَ (27)}، وهذه صيغة عرضٍ مؤذنة بالتلطف، بخلاف من يقول: ضعوا أيديكم في الطعام، كلوا، تقدموا، ونحو ذلك.
وقوله: {فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً}؛ لأنه لما رآهم لا يأكلون من طعامه أضمر منهم خوفًا أن يكون منهم (¬4) شر؛ فإن الضيف إذا أكل من طعام ربِّ المنزل اطمأنَّ إليه وأنس به، فلما علموا منه ذلك {قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (28)}، وهذا الغلام إسحاق لا إسماعيل؛ لأن امرأته عَجبَتْ من ذلك، وقالت: عجوزٌ عقيمٌ لا يُولَد لمثلي، فأنى [لي] (¬5) بالولد؟ وأما إسماعيل فإنه من سُرِّيته هاجرَ، وكان بكْرَه وأولَ ولدِه، وقد بين سبحانه في سورة هود (¬6) في قوله تعالى: {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ (71)} في هذه
¬__________
(¬1) ط: "يدي".
(¬2) ط: "آداب أخر".
(¬3) ط: "معهم".
(¬4) من ط، ق.
(¬5) الآية: 71.
(¬6) ط: "فصكت".

الصفحة 78