كتاب إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
وقال أهل العراق: هو الغضب، وقالت طائفة: هو جَمْعُ الثلاث بكلمة واحدة حكى الأقوال الثلاثة صاحب كتاب "مطالع الأنوار" (¬1).
وكأن الذي فَسَّره بجمع الثلاث أخذه من التغليق، وهو أن المطلِّق غلق طلاقه كما يغلق صاحب الدين ما عليه، وهو مِنْ غلق الباب، فكأنه أغلق على نفسه باب الرحمة بجمعه الثلاث، فلم يجعل له الشارع ذلك، ولم يُملِّكْهُ إيَّاهُ، رحمة به، إنما مَلَّكه طلاقًا يَمْلِكُ فيه الرَّجْعَة بعد الدخول، وحَجَر عليه في وقته، وَوَضْعِه، وقَدْره:
فلم يُملِّكْهُ إياه في وقت الحيض، ولا في وقت طهرٍ جامعها فيه. ولم يُملِّكْه أن يُبينها بغير عِوَضٍ (¬2) بعد الدخول، فيكون قد غَيَّر صفة الكلام، وهذا عند الجمهور، فلو قال لها: أنت طالقٌ طلقةً لا رجعة لي فيها، أو طلقة بائنةً = لغى ذلك، وثبت (¬3) له الرجعة.
¬__________
(¬1) (ق/ 378 - نسخة دار الكتب).
وهو "مطالع الأنوار على صحاح الآثار في فتح ما استغلق من كتاب الموطأ ومسلم والبخاريّ" لأبي إسحاق إبراهيم بن يوسف بن قرقول، المتوفى سنة 569. وضعه على منوال كتاب شيخه القاضي عياض: "مشارق الأنوار"، واستفاد منه كثيرًا. وفي العلاقة بينهما خلافٌ.
انظر: "وفيات الأعيان" (1/ 62) و"سير أعلام النبلاء" (20/ 520) و"الأجوبة المرضيّة" للسخاوي (2/ 759) , ومقدمة تحقيق "تفسير غريب الموطأ" لابن حبيب (1/ 110).
وانظر للفظ "الإغلاق" -أيضًا-: "مشارق الأنوار" (2/ 134).
(¬2) كذا في الأصل. ولم يتبين لي وجهُ الكلمة. والسياقُ والمثالُ الآتى يأبيانها، ويشيران إلى أن المراد: بغير رجعة.
(¬3) كذا في الأصل. ولعل الصواب: "وثبتت".