كتاب إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
الوجه الثاني: أن الزهريَّ روى عن أبان بن عثمان على عثمان أنه رد طلاق السكران (¬1)، ولا يُعْرَفُ له مخالفٌ من الصحابة (¬2).
وهذا القول هو الصحيح, وهو الذي رجع إليه الإمام أحمد أخيرًا (¬3). قال في رواية أبي طالب: والذي لا يأمر فيه بالطلاق فإنما أتى خصلة واحدة، والذي يأمر بالطلاق قد أتى خصلتين: حرَّمَها
¬__________
(¬1) أخرجه سعيد بن منصور (1/ 310) , وابن أبي شيبة (5/ 30)، والبيهقي في "الكبري" (7/ 359) وغيرهم.
وفي سماع الزهريِّ من أبان خلافٌ عند أهل الحديث، وذِكرُ الإمام أبي حاتم الرازي- رحمه الله تعالى- الاتفاق على عدم السماع، كأنه يريد به اتفاقه هو وأبو زرعة الرازي وأصحابهما، فحسْب، كما يُستفاد من كلامه في موضعٍ آخر.
وإلا فقد ذهب إلى إثبات السماع جماعة، منهم: الذُّهلي، ودُحَيم، وأبو زرعة الدمشقي، وانتصر له الأخير انتصارًا بالغًا.
انظر: المراسيل" (189 - 192)، و"الجرح والتعديل" (8/ 71) , و "تاريخ أبي زرعة الدمشقى" (1/ 508 - 509).
ودلائلُ السماع وعدمه متعارضة، وتحرير ذلك له مقامٌ آخر.
لكنَّ التحقيق أن هذا الأثر ليس من رواية الزهريِّ عن أبان مباشرةً، وإنْ أوهم ذلك بعضُ الرواة باختصاره لقصَّة الأثر، وإنّما هو من رواية الزهريّ عن عمر بن عبد العزيز عن أبان، كما هو ظاهرٌ جدًّا من سياق القصّة. وهذا إسنادٌ متصلٌ صحيحٌ باتِّفاق.
(¬2) انظر: "الإشراف" لابن المنذر (4/ 191).
(¬3) بعد قوله بالوقوع، كما تفيده رواية الميمونى، ثم توقُفِه، كما في "مسائل ابن هانئ" (1/ 230)، و"مسائل أبي داود" (173)، و"مسائل صالح" (20، 147 - 148). وانطر: "الروايتين والوجهين" للقاضي (2/ 156 - 158).