كتاب إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

فيَسْتَدْعِي دليلًا شرعيًّا، والدليلُ إما كتابٌ، أو سنةٌ، أو إجماعٌ، أو قياسٌ يستوي فيه حكم الأصل والفرع، وليس شيءٌ منها موجودًا في مسألتنا.
وإنْ شئتَ قلتَ: الدليلُ إمًّا نصٌّ وإمَّا معقولُ نصٍّ، وكلاهما منتفٍ. وإن شئتَ قلتَ: لو ثبت الوقوعُ لزم وجودُ دليلهِ، واللازمُ مُنْتَفٍ، فالملزوم مثلُه.

الوجه الثاني والعشرون: أن نكاح هذا مثبتٌ بالإجماع، فلا يزول إلا بإجماعٍ مثلهِ. وإن شئت قلتَ: نكاحُه قبل صُدورِ هذا اللفظ منه ثابتٌ بإجماعٍ، والأصلُ بقاؤه حتى يَثْبُتَ ما يرفعُه.
الوجه الثالث والعشرون: أن جمهور العلماء يقولون: إن طلاق الصبيِّ المميِّزِ العاقلِ لا يَنْفُذُ ولا يَصِحُّ. هذا قولٌ أبي حنيفة (¬1)، ومالك (¬2)، والشافعي (¬3)، وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد اختارها الشيخ أبو محمد (¬4)، وهو قول إسحاق (¬5).
مع كونه عارفًا باللفظ وموجبه بكلماتِه اختيارًا وقصدًا، وله قصدٌ
¬__________
(¬1) انظر: "المبسوط" (6/ 53).
(¬2) انظر: "المدونة" (2/ 79، 83, 309)، و"النوادر والزيادات" (5/ 94).
(¬3) انظر: "الأم" (6/ 557).
(¬4) "المغني" (10/ 348 - 350).
(¬5) انظر: "الإشراف" لابن المنذر (4/ 190)، و"مسائل إسحاق بن منصور الكوسج لأحمد وإسحاق" (رقم 959، 1330).
وفي ظاهر المنقول عن إسحاق تعارضٌ، وليس كذلك عند التَأمُّل.

الصفحة 57