كتاب مجانبة أهل الثبور المصلين في المشاهد وعند القبور
النّاهِيَةِ عَن ِ الصَّلاةِ فِيْهَا، وَاتخاذِهَا مَسَاجِدَ، وَلعْن ِ رَسُوْل ِاللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِليهُوْدِ وَالنَّصَارَى لاتخاذِهِمْ إياهَا مَسَاجِدَ يُصَلوْنَ فِيْهَا، وَتَغْلِيْظِهِ فِي التَّحْذِيْرِ وَالزَّجْرِ عَنْ ذلِك َ، حَتَّى قبيْلَ وَفاتِهِ بليَال ٍ، وَسَيَأْتِي ذِكرُ طرَفٍ مِنْ هَذِهِ الأَحَادِيْث.
إلا َّ أَنهُمْ اخْتَلفوْا في صِحَّةِ صَلاةِ المصَلي فِيْهَا، فقالَ جَمَاعَة ٌ مِنْهُمْ: هِيَ بَاطِلة ٌ، لأَنَّ النَّهْيَ يَقتضِي التَّحْرِيْمَ وَالفسَاد. وَقالَ آخَرُوْنَ: هُوَ آثِمٌ عَاص ٍ، إلا َّ أَنَّ صَلاتهُ صَحِيْحَة ٌمَعَ إثمِهِ، وَسَيَأْتِي تفصِيْلهُ (ص45 - 65) بمشِيْئَةِ الله.
قالَ ابنُ المنذِرِ في «الأَوْسَطِ» (2/ 185): (وَالذِي عَليْهِ الأَكثرُ مِنْ أَهْل ِ العِلمِ: كرَاهِيَة ُ الصَّلاةِ في المقبَرَةِ، لحدِيْثِ أَبي سَعِيْدٍ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ، وَكذَلِك َ نقوْل) اه.
قلتُ: مُرَادُ ابْن ِ المنذِرِ رَحِمَهُ الله ُ باِلكرَاهَةِ هُنَا: كرَاهَة َ التَّحْرِيْمِ، لِذَا قالَ قبْلَ ذلِك َ (2/ 183) عَلى حَدِيْثِ ابْن ِ عُمَرَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُمَا «اِجْعَلوْا في بُيُوْتِكمْ مِنْ صَلاتِكمْ، وَلا تَتَّخِذُوْهَا قبوْرًا» قالَ: (ففِي قوْلِهِ: «وَلا تَتَّخِذُوْهَا قبوْرًا»: دَلِيْلٌ عَلى أَنَّ المقبَرَة َ ليْسَتْ بمَوْضِعِ صَلاةٍ، لأَنَّ في قوْلِهِ «اِجْعَلوْا في بُيُوْتِكمْ مِنْ صَلاتِكمْ»: حَثا عَلى الصَّلوَاتِ في البيوْت.
وَقوْلِهِ «وَلا تَجْعَلوْهَا قبوْرًا»: يدُلُّ عَلى أَنَّ الصَّلاة َ غيْرُ جَائِزَةٍ في المقبَرَة).
الصفحة 18