كتاب مجانبة أهل الثبور المصلين في المشاهد وعند القبور

فهَذِهِ الأُمُوْرُ كلهَا لا يَجُوْزُ أَنْ تطلبَ إلا َّ مِنَ اللهِ تعَالىَ، وَلا يَجُوْزُ أَنْ يَقوْلَ لِمَلكٍ، وَلا نبيٍّ، وَلا شَيْخٍ - سَوَاءٌ كانَ حَيًّا أَوْ مَيتا-: «اغفِرْ ذنبي»، وَلا «انصُرْنِي عَلى عَدُوِّي»، وَلا «اشْفِ مَرِيْضِي»، وَلا «عَافِنِي» أَوْ «عَافِ أَهْلِي أَوْ دَابَتي»، وَمَا أَشبهَ ذلك.
وَمَنْ سَأَلَ ذلِك َ مَخْلوْقا كائِنًا مَنْ كانَ: فهوَ مُشْرِك ٌ برَبهِ، مِنْ جِنْس ِ المشْرِكِيْنَ الذِيْنَ يَعْبُدُوْنَ الملائِكة َ وَالأَنبيَاءَ وَالتَّمَاثِيْلَ، التي يُصَوِّرُوْنهَا عَلى صُوَرِهِمْ.
وَمِنْ جِنْس ِ دُعَاءِ النَّصَارَى لِلمَسِيْحِ وَأُمِّهِ، قالَ الله ُ تعَالىَ: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ}.
وَقالَ تَعَالىَ: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}.
وَأَمّا مَا يَقدِرُ عَليْهِ العَبْدُ: فيَجُوْزُ أَنْ يُطلبَ مِنْهُ في بَعْض ِ الأَحْوَال ِ دُوْنَ بَعْض.
فإنَّ «مَسْأَلة َ المخلوْق» ِ قدْ تَكوْنُ جَائِزَة ً، وَقدْ تَكوْنُ مَنْهيًّا عَنْهَا، قالَ الله ُ تَعَالىَ: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ}.
وَأَوْصَى النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابنَ عَبّاس ٍ رَضِيَ الله ُ عَنْهُمَا: «إذا سَأَلتَ فاسْأَل ِ الله َ، وَإذا اسْتَعَنْتَ فاسْتَعِنْ باِلله» (¬1).
¬_________
(¬1) - رَوَاهُ الإمَامُ أَحْمَدُ في «مُسْنَدِهِ» (1/ 293، 307) وَالتِّرْمِذِيُّ في «جَامِعِهِ» (2516) وَقالَ: «حَسَنٌ صَحِيْح».

الصفحة 253