كتاب مجانبة أهل الثبور المصلين في المشاهد وعند القبور

وَأَوْصَى النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طائِفة ًمِنْ أَصْحَابهِ: أَنْ لا يَسْأَلوْا النّاسَ شَيْئًا. فكانَ سَوْط ُ أَحَدِهِمْ يَسْقط ُ مِنْ كفهِ، فلا يَقوْلُ لأَحَدٍ ناوِلني إياه (¬1).
وَثبتَ في «الصَّحِيْحَيْن»: أَنهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: «يَدْخُلُ الجنة َ مِنْ أُمَّتي سَبْعُوْنَ أَلفا بغيْرِ حِسَابٍ، وَهُمُ الذِيْنَ لا يَسْتَرْقوْنَ وَلا يَكتوُوْنَ، وَلا يَتطيَّرُوْنَ، وَعَلى رَبِّهمْ يتوَكلوْن» [خ (5705)، (5752)، (6472) م (216)، (218)، (220)].
¬_________
(¬1) - رَوَى مُسْلِمٌ في «صَحِيْحِهِ» (1043) مِنْ حَدِيْثِ عَوْفِ بْن ِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ قالَ: (كنّا عِنْدَ رَسُوْل ِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعَة ً، أَوْ ثَمَانِيَة ً، أَوْ سَبْعَة ً، فقالَ: «أَلا تُبَايعُوْنَ رَسُوْلَ اللهِ؟» وَكنّا حَدِيْثَ عَهْدٍ ببَيْعَة.
فقلنَا: قدْ بَايَعْنَاك َ يَا رَسُوْلَ اللهِ!
ثمَّ قالَ: «أَلا تُبَايعُوْنَ رَسُوْلَ اللهِ؟».
فقلنَا: قدْ بَايَعْنَاك َ يَا رَسُوْلَ اللهِ!
ثمَّ قالَ: «أَلا تُبَايعُوْنَ رَسُوْلَ اللهِ؟».
قالَ: فبَسَطنَا أَيْدِيَنَا، وَقلنَا: بَا يَعْنَاك َ يَا رَسُوْلَ اللهِ، فعَلامَ نُبَايعُك؟
قالَ: «عَلى أَنْ تَعْبُدُوْا الله َوَلا تُشْرِكوْا بهِ شَيْئًا، وَالصَّلوَاتِ الخمْس ِ، وَتُطِيْعُوْا» -وَأَسَرَّ كلِمَة ً خَفِيَّة ً- «وَلا تَسْأَلوْا النّاسَ شَيْئًا».
قالَ: فلقدْ رَأَيْتُ بَعْضَ أُوْلئِك َ النَّفرِ، يَسْقط ُ سَوْط ُ أَحَدِهِمْ، فمَا يَسْأَلُ أَحَدًا يُنَاوِلهُ إياه). وَرَوَاهُ الإمَامُ أَحْمَدُ في «مُسْنَدِهِ» (6/ 27)، وَأَبوْ دَاوُوْدَ في «سُنَنِهِ» (1642)، وَابْنُ مَاجَهْ (2867)، وَالنَّسَائِيُّ في «سُنَنِه» (460).
وَرَوَى وَكِيْعٌ في «الزُّهْدِ» (140) (1/ 370 - 371)، وَابْنُ الجعْدِ في «مُسْنَدِهِ» (2/ 993) (2873): عَن ِابْن ِأبي ذِئْبٍ عَنْ محمَّدِ بْن ِ قيْس ٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن ِ بْن ِ يَزِيْدِ بْن ِ مُعَاوِيَة َ عَنْ ثوْبانَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَتَقبَّلْ لِي بوَاحِدَةٍ، وَأَتقبَّلْ لهُ باِلجنَّة؟». …
قالَ ثوْبانُ: قلتُ: أَنا.
فقالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تَسْأَل ِ النّاسَ شَيْئًا».
قالَ: فكانَ ثوْبانُ يَقعُ سَوْطهُ وَهُوَ رَاكِبٌ، فلا يَقوْلُ لأَحَدٍ نَاوِلنِيْهِ حَتَّى يَنْزِلَ فيَأْخُذُه.
وَرَوَاهُ الإمَامُ أَحْمَدُ في «مُسْنَدِهِ» (5/ 277): حَدَّثنَا وَكِيْعٌ به، وَابْنُ مَاجَهْ في «سُننِهِ» (1837): حَدَّثنَا عَلِيُّ بْنُ محمَّدٍ حَدَّثنَا وَكِيْعٌ به.
وَفي البابِ: حَدِيْثُ جَمَاعَةٍ آخَرِيْنَ، مِنْهُمْ أَبوْ ذرٍّ الغِفارِيُّ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَاهُ فقالَ لهُ: «هَلْ لك َ إلىَ بَيْعَةٍ وَلك َ الجنَّة؟».
قالَ أَبوْ ذرٍّ: قلتُ: نَعَم. وَبَسَط َ أَبوْ ذرٍّ يَدَه.
فقالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَشْتَرِط ُعَليْهِ: «أَنْ لا تَسْأَلَ النّاسَ شَيْئًا».
قالَ أَبوْ ذرٍّ: قلتُ: نَعَم.
قالَ: «وَلا سَوْطك َ إنْ سَقط َ مِنْك َ، حَتَّى تنْزِلَ فتَأْخُذَه» رَوَاهُ الإمَامُ أَحْمَدُ في «مُسْنَدِهِ» (5/ 172) وَغيْرُه.

الصفحة 254