كتاب مجانبة أهل الثبور المصلين في المشاهد وعند القبور

* وَكثِيرٌ مِنَ الكفارِ بأَرْض ِ المشْرِق ِ وَالمغْرِبِ، يَمُوْتُ لهمُ الميِّتُ، فيَأْتِي الشَّيْطانُ بَعْدَ مَوْتِهِ عَلى صُوْرَتِهِ - وَهُمْ يَعْتَقِدُوْنَ أَنهُ ذلِك َ الميِّتُ - وَيَقضِي الدُّيوْنَ، وَيَرُدُّ الوَدَائِعَ، وَيَفعَلُ أَشْيَاءَ تَتَعَلقُ باِلميِّتِ، وَيَدْخُلُ إلىَ زَوْجَتِهِ، وَيَذْهَب. وَرُبمَا يَكوْنوْنَ قدْ أَحْرَقوْا مَيَّتَهُمْ باِلنّارِ! كمَا يَصْنَعُ كفارُ الهِنْدِ، فيَظنُّوْنَ أَنهُ عَاشَ بَعْدَ مَوْتِه!
* وَمِنْ هَؤُلاءِ: شَيْخٌ كانَ بمصْرَ أَوْصَى خَادِمَهُ فقالَ: «إذا أَنا مِتُّ فلا تَدَعْ أَحَدًا يُغَسِّلني، فأَنا أَجِيءُ وَأُغسِّلُ نَفسِي!».
فلمّا مَاتَ: رَأَى خَادِمُهُ شَخْصًا فِي صُوْرَتِهِ! فاعْتَقدَ أَنهُ هُوَ دَخَلَ وَغسَّلَ نَفسَهُ! فلمّا قضَى ذلِك َ الدّاخِلُ غسْلهُ - أَيْ غسْلَ الميِّتِ - غاب!
وَكانَ ذلِك َ شَيْطانا، وَكانَ قدْ أَضَلَّ الميِّتَ، وَقالَ: «إنك َ بَعْدَ الموْتِ تَجِيءُ فتَغْسِلُ نفسَك َ!»، فلمّا مَاتَ جَاءَ أَيْضًا فِي صُوْرَتِهِ لِيُغوِيَ الأَحْيَاءَ، كمَا أَغوَى الميِّتَ قبْلَ ذلك.
* وَمِنْهُمْ: مَنْ يرَى عَرْشا فِي الهوَاءِ وَفوْقهُ نوْرٌ، وَيَسْمَعُ مَنْ يُخَاطِبُهُ وَيَقوْلُ: «أَنا رَبك َ!»، فإنْ كانَ مِنْ أَهْل ِ المعْرِفةِ: عَلِمَ أَنهُ شَيْطانٌ فزَجَرَهُ، وَاسْتَعَاذَ باِللهِ مِنْهُ فيَزُوْلُ ذلك) (¬1).
¬_________
(¬1) - «الفرْقانُ، بَينَ أَوْلِيَاءِ الرَّحْمَن ِ وَأَوْلِيَاءِ الشَّيْطان» (ص329 - 330).

الصفحة 287