كتاب مجانبة أهل الثبور المصلين في المشاهد وعند القبور

وَهَذَا بابٌ وَاسِعٌ، لوْ ذكرْتُ مَا أَعْرِفهُ مِنْهُ لاحْتَاجَ إلىَ مُجَلدٍ كبير) (¬1).
* قالَ: (وَلقدْ أَخبرَ بَعْضُ الشُّيُوْخِ الذِينَ كانَ قدْ جَرَى لهمْ مِثْلُ هَذَا بصُوْرَةِ مُكاشَفةٍ وَمُخَاطبَةٍ فقالَ: «يُرُوْنني الجِنُّ شَيْئًا برّاقا مِثْلَ الماءِ وَالزُّجَاج»، وَيُمَثلوْنَ لهُ فِيْهِ مَا يطلبُ مِنْهُ الإخْبَارُ به!
قالَ: «فأُخبرُ النّاسَ بهِ! وَيُوْصِلوْنَ إليَّ كلامَ مَن ِ اسْتَغَاثَ بي مِنْ أَصْحَابي، فأُجيْبُهُ، فيُوْصِلوْنَ جَوَابي إليْه!
وَكانَ كثِيرٌ مِنَ الشُّيُوْخِ الذِيْنَ حَصَلَ لهمْ كثِيرٌ مِنْ هَذِهِ الخوَارِق ِ: إذا كذَّبَ بهَا مَنْ لمْ يَعْرِفهَا، وَقالَ: «إنكمْ تَفعَلوْنَ هَذَا بطرِيق ِ الحِيْلةِ، كمَا يُدْخَلُ النّارُ بحجَرِ الطلق ِ، وَقشُوْرِ النّارَنجِ، وَدِهْن ِ الضَّفادِعِ وَغيرِ ذلِك َ مِنَ الحِيَل ِ الطبيْعِيَّة». فيَعْجَبُ هَؤُلاءِ المشَايخُ، وَيَقوْلوْنَ: «نَحْنُ وَاللهِ لا نعْرِفُ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الحِيَل».
فلمّا ذكرَ لهمُ الخبيرُ: «إنكمْ لصَادِقوْنَ في ذلِك َ، وَلكِنْ هَذِهِ الأَحْوَالُ شَيْطانِيَّة»: أَقرُّوْا بذَلِك َ، وَتابَ مِنْهُمْ مَنْ تابَ الله ُ عَليْهِ، لمّا تبَيَّنَ لهمُ الحقُّ، وَتبَيَّنَ لهمْ مِنْ وُجُوْهٍ أَنهَا مِنَ الشيْطان.
وَرَأَوْا أَنهَا مِنَ الشَّيَاطِين ِ: لمّا رَأَوْا أَنها تَحْصُلُ بمِثْل ِالبدَعِ المذْمُوْمَةِ فِي الشَّرْعِ، وَعِنْدَ المعَاصِي لله. فلا تَحْصُلُ عِنْدَ مَا يُحِبُّهُ الله ُ
¬_________
(¬1) - «الفرْقانُ، بَينَ أَوْلِيَاءِ الرَّحْمَن ِ وَأَوْلِيَاءِ الشَّيْطان» (ص351 - 353).

الصفحة 291