كتاب مجانبة أهل الثبور المصلين في المشاهد وعند القبور

فهَذَا بابٌ وَاسِعٌ وَاقِعٌ كثِيرًا، وَكلمَا كانَ القوْمُ أَجْهَلَ: كانَ عِنْدَهُمْ أَكثرَ، ففِي المشْرِكِينَ أَكثرُ مِمّا فِي النَّصَارَى، وَهُوَ فِي النَّصَارَى، كمَا هُوَ فِي الدّاخِلِينَ فِي الإسْلام) (¬1).
* وَقالَ رَحِمَهُ الله ُ: (حَتَّى أَني أَعْرِفُ مِنْ هَؤُلاءِ جَمَاعَاتٍ يَأْتوْنَ إلىَ الشَّيْخِ نفسِهِ الذِي اسْتَغاثوْا بهِ، وَقدْ رَأَوْهُ أَتاهُمْ فِي الهوَاءِ، فيَذْكرُوْنَ ذلِك َ لهُ، هَؤُلاءِ يَأْتوْنَ إلىَ هَذَا الشَّيْخِ، وَهَؤُلاءِ يَأْتوْنَ إلىَ هَذَا الشَّيْخِ، فتَارَة ً يَكوْنُ الشَّيْخُ نفسُهُ لمْ يَكنْ يَعْلمُ بتِلك َ القضِيَّة!
فإنْ كانَ يُحِبُّ الرّئاسَة َ: سَكتَ! وَأَوْهَمَ أَنهُ نفسَهُ أَتاهُمْ وَأَغاثهُمْ!
وَإنْ كانَ فيْهِ صِدْقٌ مَعَ جَهْل ٍ وَضَلال ٍ: قالَ: هَذَا مَلك ٌ صَوَّرَهُ الله ُ عَلى صُوْرَتِي!
وَجَعَلَ هَذَا مِنْ كرَامَاتِ الصّالحِينَ، وَجَعَلهُ عُمْدَة ً لِمَنْ يَسْتَغِيْثُ باِلصّالحِينَ وَيَتَّخِذُهُمْ أَرْبابا، وَأَنهُمْ إذا اسْتَغاثوْا بهمْ بَعَثَ الله ُ مَلائِكة ً عَلى صُوَرِهِمْ تُغِيْثُ المسْتغِيْثَ بهمْ.
* وَلهِذَا أَعْرِفُ غيرَ وَاحِدٍ مِنَ الشُّيُوْخِ الأَكابرِ، الذِيْنَ فِيْهمْ صِدْقٌ وَزُهْدٌ وَعِبَادَة ٌ، لمَّا ظنوْا هَذَا مِنْ كرَامَاتِ الصّالحِينَ: صَارَ أَحَدُهُمْ يُوْصِي مُرِيْدِيْهِ يَقوْلُ: «إذا كانتْ لأَحَدِكمْ حَاجَة ٌ: فليسْتَغِثْ
¬_________
(¬1) - «مَجْمُوْعُ الفتَاوَى» (13/ 94 - 95).

الصفحة 295