كتاب منهج الشيخ محمد رشيد رضا في العقيدة
وعند قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} 1، قال:" والاستعانة بهذا المعنى ترادف التوكل على الله، وتحل محله، وهو كمال التوحيد والعبادة الخالصة، ولذلك جمع القرآن بينهما في مثل قوله: {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} 2.
وعند قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} 3، فسر الشيخ رشيد الهداية فيها بآيات مشابهة كقوله تعالى: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} 4، وقوله: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى} 5، وبقوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} 6، قال: " وإنما المراد بهذا ما جاء في قوله تعالى: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} وهم الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين من الأمم السالفة، فقد أحال على معلوم أجمله في الفاتحة وفصله في سائر القرآن.." 7.
وعند قوله تعالى: {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} 8 قال: "فهو كقوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} 9. وقوله: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً} 10 وقوله: {فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجاً يَذْرَأُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} 11 ومن هذا القبيل قوله عز وجل {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ
__________
1 سورة الفاتحة: الآية: (5) وانظر: التفسير (1/60)
2 سورة هود: الآية: (123)
3 سورة الفاتحة: الآية: (6)
4 سورة البلد: الآية: (10) .
5 سورة فصلت: الآية: (17)
6 سورة الأنعام: الآية (90)
7 انظر: تفسير المنار (1/64 و66ـ67)
8 سورة النساء؛ الآية (1)
9 سورة الروم: الآية (21)
10 سورة النحل: الآية (72)
11 سورة الشورى: الآية (11)
الصفحة 113