كتاب منهج الشيخ محمد رشيد رضا في العقيدة

لقد اختلف الناس اختلافاً كثيراً حول الشيخ " محمد عبده" ومذهبه الديني والسياسي. فبينما يعده البعض إمام المصلحين المجددين 1 يعتبره البعض الآخر سبب كل شر أتى من بعده 2.
ومن خلال بحثي هذا ظهر لي أن الشيخ محمد عبده كان متأثراً بالفلاسفة القدماء والمحدثين على السواء، لقد قرأ الإشارات لابن سينا بشرح الطوسي مع الأفغاني 3. وكان يدافع عن مذاهب الفلاسفة في حاشيته على شرح الدواني على العقائد العضدية 4. كما أنه أعلن في الأزهر على الملأ رفضه لدليل الأشعرية والمتكلمين على وجود الله ـ واتُهِم يومئذ بالكفر لإنكاره وجود الله 5. ولما ذهب إلى فرنسا لقي هناك عدداً من الفلاسفة وعاشرهم وناقشهم وأفشى بعضهم عنه أنه كان يقول بقدم العالم 6.
وفي كلامه ما يدل على ذهابه مذهبهم، فإنه يقول كثيراً في آيات القرآن الكريم إنها وردت مورد التمثيل والتخييل 7، ويتأول الرجوع إلى الله تعالى 8، كما هو مذهب الفلاسفة. ولا ريب أن مذهب الفلاسفة جاءه من طريق الأفغاني 9.
__________
1 انظر: أحمد أمين: زعماء الإصلاح (ص 280) .
2 انظر: مصطفى صبري: موقف العقل (1/345) ، ومحمد حسين: الإسلام والحضارة الغربية (ص 85) وما بعدها.
3 انظر: مجلة المنار (1/716ـ 721) ، ولمحمد عبده شرح البصائر النصيرية في المنطق وشرحه في الأزهر، انظر: تاريخ الأستاذ الإمام (1/ 778)
4 انظر: سليمان دنيا: مقدمة حاشية محمد عبده على الدوانية: ط الحلبي، مصر (ص:6) وما بعدها، وانظر: مجلة المنار (5/ 361ـ 380)
5 انظر: مجلة المنار (5/ 395)
6 انظر: مجلة المنار (32/ 588) ، وانظر: محمد حسين: الإسلام والحضارة الغربية (ص: 79 و96) .
7 انظر مثلاً في التأويل: تفسير المنار (2/ 456، و2/ 470و213) ومجلة المنار (7/ 181) والتفسير أيضاً (1/ 438ـ 439) و (1/ 254ـ 255)
8 انظر تفسير المنار (4/ 198و 3/ 104)
9 انظر: محمد حسين المرجع السابق (ص: 70) وما بعدها

الصفحة 72