في تفسير القرآن بالسنة - فإنه خالف القاعدة وضرب الحديث بها
وضربه إياه كان على وجهين:
أولا: افترض صحة الحديث وهو صحيح في واقع الأمر عند أهل العلم الواقعين على طرقه وشواهده كما تقدم تحقيقه في هذا البحث الثامن بما لا تجد له نظيرا في كتاب آخر. والفضل كله لله أولا وآخرا
ثانيا: تأويله إياه وذلك أن التأويل لأي نص شرعي لا يصار إليه إلا عند عدم إمكان الجمع وليس الأمر كذلك في هذا الحديث فقد وافق العلماء - على اختلاف اختصاصاتهم ومذاهبهم - بحمل المطلق على المقيد أو العام على الخاص - كما تقدم عن القرطبي - أو بقاعدة استثناء الأقل من الأكثر كما يقول ابن حزم وإلى هذا مال الشوكاني في " نيل الأوطار " كما تقدم نقله عنه (ص 27 - 28)
وإليك الآن ما وعدتك به من جمع أقوال العلماء المتقدمة الذين صرحوا بما دل عليه هذا الحديث الصحيح من جواز كشف المرأة عن وجهها وكفيها ونظر الرجال إلى ذلك منها دون شهوة أو ريبة ليتبين للقراء الكرام أن بعض المشايخ المخالفين يتشددون على الناس ويدلسون على قرائهم ويوهمونه أن الإجماع على خلاف أقوال العلماء المشار إليهم ملاحظين في سردها تاريخ وفياتهم ليتبين لهم استمرار القول بذلك إلى يومنا هذا كاستمرار العمل به مذكرين مرة أخرى بأن الغرض من ذلك إنما هو بيان
[118]
ما أمر الله بيانه من العلم ونهي عن كتمانه وبخاصة بعد أن قام أولئك المشايخ بكتمانه عن الناس وقلب الحقائق الشرعية حتى حمل ذلك آخرين من المتشددين على معاكستهم فألف أحدهم ما أسماه ب " تذكير الأصحاب بتحريم النقاب " فهذا في واد وأولئك في واد والحق بينهما كما كنت ذكرت نحوه في مقدمة الطبعة الثانية ل " الحجاب " فها هي الأسماء وبجانبها تاريخ الوفاة ومعها أقوالهم:
1 - سعيد بن جبير (ت 95) :
لا يحل لمسلمة أن يراها غريب إلا أن يكون عليها القناع فوق الخمار وقد شدت بها رأسها ونحرها
(ص 51)
2 - و 3 و 4 - أبو حنيفة (ت 150) وصاحباه أبو يوسف (ت 183) ومحمد بن الحسن الشيباني (ت 189) ويأتي قولهم قريبا
5 - مالك بن أنس (ت 179) :
لا بأس أن تأكل المرأة مع غير ذي محرم
(ص 35)