بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم (وفي رواية: برأيهم) فضلوا وأضلوا ". متفق عليه واللفظ والرواية الأخرى للبخاري (رقم 68 - مختصر البخاري) وراجع له " فتح الباري " (13 / 282 - 290) إن شئت فقد أفاض في شرحه وبيان فوائده وأن المراد بقوله: " رؤوسا جهالا ": إنما هم المقلدة والواقع في أكثر البلاد الإسلامية مصداق هذا الحديث الصحيح ومنه ما نحن فيه. والله المستعان
ثم إنني أقول:
لو أن أولئك المقلدة كانوا على شيء من العلم لما أوجبوا على النساء أن يسترن وجوههن خشية أن يفتتن الرجال بهن مع قولهم: إن الأصل جواز الإسفار. ولقالوا: إذا خشيت المرأة أن يصيبها مكروه من بعض الرجال الأشرار بسبب إسفارها فعليها أن لا تسفر سدا للذريعة. لو أنهم قالوا هذا لكان فقها مقبولا وأما أن يفرض ذلك على النساء عامة في كل زمان ومكان فهو تشريع ما أنزل الله به من سلطان فلا جرم أنه لم يقل به أحد من علماء الإسلام بل قالوا نقيض ذلك كما قدمنا عن القاضي عياض والنووي وابن مفلح وغيرهم من الأعلام
[142]
خلاصة البحوث المتقدمة:
وتلخيصا لما تقدم أقول:
لقد تجلى للقراء الكرام من هذه البحوث النيرة الحقائق التالية:
1 - إن القائلين بوجوب ستر المرأة لوجهها وكفيها ليس عندهم نص في ذلك من كتاب أو سنة أو إجماع بل وليس معهم أثر واحد صحيح صريح عن السلف يجب اتباعه اللهم إلا بعض النصوص العامة أو المطلقة التي تولت السنة بيانها ولم يجر العمل بإطلاقها وعمومها عند الأمة فمنهم من استثنى الوجه والكفين ومنهم من استثنى نصف الوجه ومنهم من استثنى من الوجه العينين ومنهم من استثنى عينا واحدة والأولون هم أسعدهم بالكتاب والسنة
2 - تفسيرهم ل (الخمار) و (الإدناء) و (الجلباب) و (الاعتجار) بخلاف الأحاديث النبوية والآثار السلفية والنصوص اللغوية بل وخلافا لتفسيرهم لآية القواعد من النساء
3 - استدلالهم على ذلك بالأحاديث الضعيفة والآثار الواهية والموضوعة وهم يعلمون أو لا يعلمون