كتاب مشكلة السرف في المجتمع المسلم وعلاجها في ضوء الإسلام

قال الراغب الأصفهاني (ت 502 هـ) : " السرف تجاوز الحد في كل فعل يفعله الإنسان، وإن كان ذلك في الإنفاق أشهر، قال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا} [الفرقان: 67] (¬1) . . . {وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا} [النساء: 6] (¬2) ويقال تارة اعتبارا بالقدر، وتارة بالكيفية، ولهذا قال سفيان: " ما أنفقت في غير طاعة الله فهو سرف وإن كان قليلا، قال الله تعالى: {وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأنعام: 141] (¬3) {وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} [غافر: 43] (¬4) أي المتجاوزين الحد في أمورهم " (¬5) .
وقريب من هذا قول الحافظ ابن حجر (ت 852 هـ) في تعريف الإسراف بأنه: " مجاوزة الحد في كل فعل أو قول وهو في الإنفاق أشهر " (¬6) .
ويعرفه بعضهم: " بأنه صرف الشيء فيما لا ينبغي زائدا على ما ينبغي " (¬7) .
وجاء في منال الطالب في شرح طوال الغرائب: " السرف: التبذير، ووضع العطاء في غير أهله، وقد أسرف يسرف إسرافا، والسرف: الاسم.
قال بعض السلف: كل ما أنفقته في طاعة الله فليس بسرف وإن كثر، وما أنفقته في غير طاعته فهو سرف وإن قل " (¬8) . وقال الإمام الطبري (ت 310 هـ) : " أصل الإسراف تجاوز الحد المباح إلى ما لم يبح، وربما كان ذلك في الإفراط وربما كان في التقصير " (¬9) .
¬_________
(¬1) الفرقان: 67.
(¬2) النساء: 6.
(¬3) الأنعام: 141 والأعراف: 31.
(¬4) غافر: 43.
(¬5) المفردات في غريب القرآن ص230 - تحقيق محمد سيد الكيلاني.
(¬6) فتح الباري 10 / 253.
(¬7) الكليات للكفوي ص113.
(¬8) منال الطالب لابن الأثير ص322 تحقيق الدكتور محمود الطناحي.
(¬9) تفسير الطبري: 7 / 579 تحقيق محمود شاكر، وقد عد الإمام الطبري التقصير من جملة الإسراف - كما تلحظ - ولم أجد من تابعه على ذلك.

الصفحة 14