كتاب مشكلة السرف في المجتمع المسلم وعلاجها في ضوء الإسلام

كبيرة، وهذا ذو جاه ومكانة بين قومه، وآخر ليس كذلك. . . وهكذا، يضاف إلى ذلك الأعراف السائدة في كل بلد أو قبيلة.
فكل دلك - وما أشبهه - لا بد من مراعاته عند الحكم على تصرف الإنسان المالي بأنه إسراف أو تقتير أو وسط بينهما.
يقول القرطبي (ت 671 هـ) عند تفسيره قوله تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} [الإسراء: 29] (¬1) " وهذه من آيات فقه الحال فلا يبين حكمها إلا باعتبار شخص من الناس " (¬2) وعلى هذا فمعرفة الإسراف من عدمه تعود إلى العرف والعادة، والعادة مُحَكَّمة كما يقول علماء الفقه وأصوله (¬3) .

[ثانيا التعريف بالمصطلحات والألفاظ ذات الصلة]
[التبذير]
ثانيا: التعريف بالمصطلحات والألفاظ ذات الصلة: هناك عدد من المصطلحات والألفاظ لها صلة وثيقة بالمصطلح الرئيس السابق " السرف "، يجدر بنا أن نستوضحها حتى تستكمل الصورة بيانا، ويزاد الطريق اتساعا وإضاءة.
ولعل من أهم هذه المصطلحات والألفاظ: التبذير، إضاعة المال، الترف، الاقتصاد، الإنفاق، الجود والسخاء، البخل والشح، الفرح.
(1) أما التبذير فقال ابن فارس: " الباء والذال والراء أصل واحد، وهو نثر الشيء، وتفريقه، يقال: بذرت البذر أبذره بذراً قال تعالى:. . {وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا - إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} [الإسراء: 26 - 27] (¬4) (¬5) .
¬_________
(¬1) الإسراء: 29.
(¬2) الجامع لأحكام القرآن 10 / 251، وينظر: المحرر الوجيز لابن عطية 12 / 40.
(¬3) ينظر: الأشباه والنظائر للسيوطي، ص89 الطبعة الأولى 1399 هـ.
(¬4) سورة الإسراء: 26، 27.
(¬5) معجم مقاييس اللغة 1 / 216.

الصفحة 18