كتاب مشكلة السرف في المجتمع المسلم وعلاجها في ضوء الإسلام
الفاعل من السخاء والشح على بناء الأفعال الغريزية فقالوا: شحيح وسخي، وقالوا: جواد وباخل، وأما قولهم: بخيل فمصروف عن لفظ الفاعل للمبالغة، كقولهم: راحم ورحيم، ولكون السخاء غريزة لم يوصف الباري سبحانه وتعالى به " (¬1) ويزيد أبو هلال العسكري (ت 395 هـ) مسألة التفريق بين الجود والسخاء إيضاحا فيقول: " الفرق بين السخاء والجود أن السخاء هو أن يلين الإنسان عند السؤال ويسهل مهره للطالب، من قولهم سخوت النار أسخوها سخوا إذا لينتها. . . . ولهذا لا يقال لله تعالى سخي، والجود: العطاء من غير سؤال، من قولك جادت السماء إذا جادت بمطر غزير، والفرس الجواد: الكثير الإعطاء للجري، والله تعالى جواد لكثرة عطائه فيما تقضيه الحكمة " (¬2) .
ومن هذا يتبين أن الجود والسخاء هما البذل للغير وليسا لحظ النفس، ولا يدخلان في مفهوم الإسراف.
[البخل]
(7) وأما البخل فقال الفيومي (ت 770 هـ) : " البخل في الشرع منع الواجب، وعند العرب منع السائل مما يفضل عنده " (¬3) .
وقال الراغب (ت 502 هـ) : " البخل: إمساك المقتنيات عما لا يحق حبسها عنه، ويقابله الجود، يقال: بخل فهو باخل، وأما البخيل فالذي يكثر منه البخل كالرحيم من الراحم، والبخل ضربان: بخل بقنيات نفسه وبخل بقنيات غيره، وهو أكثرهما ذما دليلنا على ذلك قوله تعالى: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ} [النساء: 37] (¬4) (¬5) .
¬_________
(¬1) الذريعة إلى مكارم الشريعة للأصفهاني ص412، تحقيق أبي اليزيد العجمي.
(¬2) الفروق اللغوية ص142، تحقيق حسام الدين القدسي 1401 هـ.
(¬3) المصباح المنير ص38. دار الكتب العلمية 1414هـ، ولعل الفيومي أخذ التعريف من أبي حامد الغزالي في إحياء علوم الدين 3 / 254 حيث يقول (الإمساك حيث يجب البذل بخل) .
(¬4) النساء: 37.
(¬5) المفردات ص38.