كتاب مشكلة السرف في المجتمع المسلم وعلاجها في ضوء الإسلام

[تمهيد]
تمهيد التوازن والاعتدال ظاهرة كونية وحقيقة شرعية لا مراء في ذلك.
أما التوازن الكوني فيقول سبحانه:. . {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ} [الملك: 3] (¬1) .
وأما التوازن الشرعي، أي في أحكام الله وتشريعاته، فيقول الحق تعالى:. . {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153] (¬2) .
ومن لوازم الاستقامة التوازن.
ودين الإسلام دين وسط معتدل في كل أحكامه وتشريعاته: العقدية، والعبادية، والخلقية، والمعاملات، والعلاقات.
ففي الحديث: «إن لربك عليك حقا، ولنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، فأعط كل ذي حق حقه» (¬3) .
ونجد الإسلام يحث على التزام المنهج الوسط المتزن في أدلة كثيرة عامة وخاصة.
فمن النصوص العامة الداعية إلى التوسط:
قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ} [المائدة: 77] (¬4) .
وقوله عليه الصلاة والسلام: «عليكم هدياً قاصداً، عليكم هديا قاصداً، عليكم هدياً قاصداً» (¬5) أي طريقا معتدلاً.
وقوله: «السمت الحسن والتؤدة والاقتصاد جزء من أربعة وعشرين
¬_________
(¬1) الملك: 3.
(¬2) الأنعام 153.
(¬3) رواه البخاري في صحيحه، ك: الصوم - الباب 51. وهو من كلام سلمان الفارسي وصدقه الرسول صلى الله عليه وسلم.
(¬4) المائدة: 77.
(¬5) رواه الإمام أحمد في المسند: 5 / 350، والحاكم: 1 / 312، وصححه وأقره الذهبي. قال الهيثمي: ورجال أحمد موثقون (مجمع الزوائد 1 / 62) .

الصفحة 7