* ويُستحب لمن شرب من ماء زمزم أن يكثر منه؛ فقد روى (¬1) ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "التضلُّع من ماء زمزم براءة من النفاق" ذكره الأزرقي (¬2).
واختلف العلماء؛ هل يُكره الوضوء والغُسْل من ماء زمزم. فعند الأكثرين: لا يكره، وعن أحمد روايتان: إحداهما كذلك، والأُخرى يُكره.
قال ابن الجوزي: لقول العباس: "لا أحلِّها لمغتسل، لكن لشارب حِلٌّ وَبِلٌّ (¬3).
وقال ابن الزاغوني: لا يختلف المذهب أنه يَنهى عن الوضوء به لقول العباس لا أحلِّها لمغتسل وهي لشارب حلٌّ وبلٌّ.
واختُلف في السبب الذي لأجله ثبت النهي على طريقين:
أحدهما: أنه اختيار الواقف وشرطه وهو قول العباس المتقدم وهذا كما لو سبَّل ماء للشرب هل يجوز الوضوء به مع الكراهة أو يحرم؟ على وجهين؛ ولأجل هذا: جاء وجه في الوضوء بالتحريم.
والثانية: أن سببه الكرامة والتعظيم:
فإن قلنا: إن ما ينحدر من أعضاء المتوضّئ طاهر مطهِّر كمذهب مالك: لم يكره.
وإن قلنا: إنه طاهر غير مطهِّر: كره.
¬__________
(¬1) في "ق" "رُوي عن ابن عباس".
(¬2) "أخبار مكة" للأزرقي (2/ 52)، و"أخبار مكة" للفاكهي (2/ 28)، وعبد الرزاق في "المصنف" (5/ 112 - 113)، والدارقطني (2/ 288).
(¬3) "مثير العزم الساكن إلى أشرف الأماكن" (2/ 50).