كتاب تحفة الراكع والساجد بأحكام المساجد

لغير عذر، فأفتى النَّووي أنه لا يستحق شيئًا من الجامكية (¬1)؛ لا هو ولا النائب، ثم إن جعل للنائب جُعلًا استحقه وإلا فلا، وكذا أفتى ابن عبد السلام، وقال: إن أذن له الناظر في الاستنابة: جاز واستحق النائب المشروط للإمام دونه، وليس هو نائبًا عنه، بل هو وكيل في هذه التولية. فإن تواطئوا على أن يأخذ الوكيل بعضًا والقائم بالإمامة بعضًا: لم يجز. وفي صحة التولية في هذه الصورة نظر؛ مبني على: أن المعلوم كالمشروط ولو شرط ذلك في التولية بطلت ولم يستحق القائم بالإمامة شيئًا؛ لبطلان التولية، فإن لم يجز شرط (105/ ب) ولا تواطؤ فتبرع الإمام على الوكيل فلا بأس به.
وخالفهما الشيخ تقي الدين السبكي وغيره؛ فأفتوا بجواز الاستنابة.
وقال الشيخ تقي الدين ابن تيمية: النيابة في مثل هذه الأعمال المشروطة جائزة ولو عيَّنه الواقف إذا كان مثل المستنيب له في صفاته ولم يكن في ذلك مفسدة راجحة - كالأعمال المشروطة في الإجارة على عمل في الذمة.
وقال أيضًا فيمن زوّر ولايته لنفسه بإمامة وباشر: إن له أجر مِثْلٍ وأطلق، كمن ولايته فاسدة بغير كذبه إلَّا ما يستحقه عَدْلٌ بولاية شرعية. انتهى.
فإذا كان قد جعل له أجر مثله مع الولاية الفاسدة؛ فمع الاستنابة من باب أوْلى أن يستحق، لكن هل يستحق أجرة (¬2) مثله أو المشروط، كل هذا محل نظر، ولو قيل: إن (¬3) ظاهر كلام الشيخ تقي الدين إنه يستحق الكل لما كان بعيدًا؛ لقوله: ومَن أكل المال بالباطل قوم لهم جهات معلومها كثير يأخذونه
¬__________
(¬1) الجامكية: راتب الموظف.
(¬2) في "ق" "أجر".
(¬3) في "ق" "إنه".

الصفحة 408