كتاب تحفة الراكع والساجد بأحكام المساجد

وروى الإمام أحمد وابن حبَّان في صحيحه عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مسْح الحجر والركن اليماني يحطّ الخطايا حطًّا" (¬1).
* اعترض بعض الملحدين؛ في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الحجر سوَّدته خطايا بني آدم، فقال: ما سوَّدته خطايا بني آدم ينبغي أن يبيِّضه توحيد المسلمين.
أجاب ابن قتيبة فقال: لوشاء الله لكان ذلك، ثم أما علمت أيها المعترض أن السواد (¬2) يصبغ ولا ينصبغ وأن البياض ينصبغ ولا يصبغ.
وأجاب ابن الجوزي: بأن إبقاء أثر الخطايا فيه، وهو السواد، أبلغ في باب العِبرة والعِظة من تغيير ذلك ليُعلم أن الخطايا إذا أثرت في الحجر فتأثيرها في القلوب أعظم، فوجب لذلك أن يجتنب (¬3).
وروى ابن الجوزي بسنده إلى أبي الطُّفَيْل عامر بن واثلة عن أبيه أو جدِّه قال: رأيت الحجر الأسود أبيض، وكان أهل الجاهلية إذا نحروا بُدُنهم لطخوه بالفرْث والدم.
* وفي الصحيحين أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبَّل الحجر الأسود وقال: "إني أعلم أنك حجر لا تضرّ ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبِّلك ما قبَّلتُك" (¬4).
* قال ابن الجوزي: في هذا الحديث من الفقه: أن عمر نبَّه على مخالفة الجاهلية فيما كانت عليه من تعظيم الأحجار، وأخبر أني إنما فعلت ذلك
¬__________
(¬1) رواه "حمد" (2/، 1189) و"ابن حبان" (9/ 12).
(¬2) في "ق" "السود".
(¬3) في "ق" "تجتب" وفي "مثير العزم الساكن" (1/ 369) "تجتنب".
(¬4) "البخاري" (1597)، و"مسلم" (1270).

الصفحة 85