قول عثمان بن عفّان (¬1)، وخالفه في ذلك عليّ، وكان الشافعي يري التغليظ في قتل الخطإ في النفس والجراح في الشهر الحرام والبلد الحرام، وذي الرحم على حَسَب سُنَّة دية العمد المغلّظة، وهذا أشهر عن الشافعي من القول الأوّل (¬2) (¬3)، ومن الحجّة على مَن ذَهَب هذا المَذهَب قوله عز وجل في قاتل الخطإ: {فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: 92]، ولم يَخُصَّ موضعًا من موضع، وفرض النبيّ - صلى الله عليه وسلم - الديات ولم يَخُصّ موضعًا من موضع، ولا فَرَّق بين الحِلّ والحرَم، والله أعلم (¬4).
* * *
¬__________
(¬1) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (8/ 71) من حديث سعيد بن منصور عن سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن أبيه أنّ رجلًا أوطأ امرأة بمكّة فقضى فيها عثمان بن عفّان بثمانية آلاف درهم ديّة وثلث.
قال الشافعي: ذهب عثمان - رضي الله عنه - إلى التغليظ لقتلها في الحرم.
انظر: "معرفة السنن والآثار" (6/ 197 - 198).
(¬2) ينظر كلام الشافعي في: "الأمّ" (6/ 122)، وفي "معرفة السنن والآثار" (6/ 197).
(¬3) وهو مذهب الحنابلة - أيضًا - لما روي مجاهد عن عمر - رضي الله عنه -: "أنّه قضى فيمن قتل في الحرم أو في الأشهر الحرم أو محُرِمًا بالديّة وثلث الديّة"، أخرجه عبد الرزّاق (9/ 301 رقم: 17294)، ومن طريقه البيهقي (8/ 71).
انظر: "مغني المحتاج" (4/ 54)، و"المهذّب" (2/ 196، 197)، و"المغني" (7/ 772، 774).
(¬4) ينظر: "التمهيد" (17/ 353 - 354) اختصارًا، وأحال تفصيله إلى كتابنا هذا، وانظر: "الاستذكار" (8/ 137 - العلمية)، وقال في (ص 138) فيه بعد ذكر الخلاف: "ورد التوقيف في الديّات عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ولم يذكر فيه الحرم ولا الشهر الحرام، فأجمعوا على أنّ الكفّارة على من قتل خطأ في الشهر الحرام وغيره سواء، فالقياس أن تكون الديّة كذلك".