أصحاب مالك عن مالك، وكذلك حكاه أبو المصعب (¬1) عن مالك وأهل المدينة.
وأمَّا المصريُّون من أصحاب مالك؛ يُفسدُه عندهم قليل النجاسة، وإن كَثُر لا يُفسِدُه إلاَّ ما غَلَب عليه من النجاسة أو ظَهرَت فيه بطَعمٍ أو رِيحٍ أو لَونٍ، ولم يحُدُّوا بين القليل والكثير حَدًّا (¬2)، وهذا مذهب الشَّافعي سواء، إلاَّ أنّه حدّ في ذلك حدًّا لحديث القلتين؛ وروى ابن القاسم (¬3) عن مالك في الجُنُب يَغتَسل في الحوض الذي يُسقَى فيه
¬__________
(¬1) أبو مصعب هو: أحمد بن أبي بكر القاسم بن الحارث بن زرارة بن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري، ولد سنة 105 هـ في المدينة، وترعرع فيها، وشاهد مالكًا، فلزمه وتفقّه عليه وأخذ منه وروى عنه وعن ثلّة من شيوخ المدينة، وبرع في الفقه، وتولّى قضاء المدينة، ومات في رمضان سنة 242 هـ، وهو على قضائها.
انظر ترجمته في: "تهذيب الكمال" (1/ ترجمة 17)، و"الديباج" لابن فرحون (ص 30)، و"تذكرة الحفّاظ" (2/ 482 - 484) وغيرها.
(¬2) انظر: "المقدمات" لابن رشد مع "المدوّنة" (1/ 19 - 20)، وقال التتائي في "شرح الرسالة" (1/ 435): "وهو مذهب ابن القاسم، وظاهر "المدوّنة" عند بعض الشيوخ ... "، ينظر هناك تفصيلاً.
(¬3) هو أبو عبد الله عبد الرحمن العُتَقي، أوّل أصحاب مالك المصريّين، وأثبتهم في فقهه، طالت صحبته له، ولم يخلط علمه بغيره، حتّى قيل: "إنّه لم يخالف إلاّ في أربع مسائل"، ذكرها ابن ناجي في "الزكاة من شرح المدوّنة"، وقال فيه مالك: "مثله مثل جراب مملوءٍ مِسكّا"، أخرج له البخاري حديثًا واحدًا في تفسير سورة يوسف، والنسائي كثيرَا، وأثنى عليه كثيرًا هو وغيره، علمًا وضبطًا ودينًا، قال: "ولم يرو "الموطأ" عن مالك أثبت من ابن القاسم، وليس أحد من أصحاب مالك عندي مثله"، وكان - رحمة الله - لا يقبل جوائز السلطان، شديد الورع والضبط والتقوى.
انظر ترجمته في: "الانتقاء" (ص 94)، و"طبقات الفقهاء" للشيرازي (ص 150)، و"ترتيب المدارك" (3/ 244)، و"الديباج" (ص 146)، و"شجرة النور الزكية" (1/ 58) وغيرها.