وحُجّة مَن ذهب هذا المذهب قولُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ يَقْبَلُ اللهُ صَلاَةً بِغَيْرِ طَهُورٍ" (¬1)، فمَن لَم يُمكِنه الطهور، ولم يكن له إلى الصلاة سبيلٌ [لا يصلّي] (¬2)، ومِمّن
¬__________
= واختلف العلماء في هذه المسألة على أربعة أقوال، قاله عياض كما في "الإكمال" (1/ 219):
"أوّلها: يصلّي ثمّ لا إعادة عليه؛ لأنّ عدمه عذر كالسلس والاستحاضة، ولأنّه ظاهر الحديث.
ثانيها: يصلّي ثمّ يعيد إذا وجد الطهور على الاحتياط ليأتيَ أوّلا بغاية ما يقدر عليه، ثمّ لمّا وجد الماء لزمته الطهارة والإعادة، وقاله الشافعي.
ثالثها: لا يصلّي ولا يعيد؛ لأنّ الخطاب لم يتوجّه عليه، لعدم الشرط من الطهارة حتّى خرج وقتها، كالحائض تطهر، وكمن بلغ وأسلم بعد الوقت.
رابعها: لا يصلّي لكنّه يعيد إذا وجد الماء، كمن غمره المرض أو غلبه النوم أو النسيان، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يقبل الله صلاة بغير طهور".
قال: وهذه الأقوال كلّها عندنا في المذهب لمالك وأصحابه، والمرويّ منها عن مالك: لا صلاة ولا إعادة، وهو قول الثوري والأوزاعي وأصحاب الرأي".
(¬1) رواه مسلم في [الطهارة (224) باب وجوب الطهارة للصلاة]، والترمذي في [الطهارة (1) باب لا تقبل صلاة بغير طهور].
وأخرجه أبو داود في [الطهارة (59) باب فرض الوضوء]، وكذا النسائي في [الطهارة، باب فرض الوضوء، وفي الزكاة، باب الصدقة من غلول]، وأخرجه ابن ماجه في [الطهارة (271) باب لا يقبل الله صلاة بغير طهور]، وأخرجه أحمد في أوّل مسند البصريّين (5/ 74، 75)، وأبو عوانة في "صحيحه" (1/ 235)، وابن حبّان كما في "الإحسان" (3/ 104)، والدارمي في "المسند" (1/ 175)، كلّهم من طريق أبي المليح عن أبيه أسامة بن عمير به.
وصحّحه الألباني كما في "الإرواء" (1/ 153 - 154).
وروي - أيضًا - من حديث أنس وأبي بكرة.
(¬2) يظهر أنّ في هذا الموضع سقطًا، ولا يستقيم الكلام بدون الزيادة؛ لأنّها جواب الشرط.