وأمّا قولك: (إدخال) (¬1) البخاري هذا الباب ينقض به قول الشافعي إنّ الطالب لا يصلّي صلاة الخوف (¬2)، فهذا قول من لا علم له بالآثار ولا بمقصد المصنِّفين لها؛ وما بقي في هذا الحديث مِمّا يدلّ على أنّ القوم كانوا مبتدئين للعدوّ أو ممّا يدلّ على أنّ القوم قصَروا الصلاة أو أتمّوا أو ما فيه ما يكون حجّة على مَن قال: إنّ الطالب لا يصلّي صلاة الخوف، أو على من قال: إنه يصلّيها، ما فيه شيء يدلّ على شيء مِمّا ذكرتَ، ولم يكن أحد من بني قريظة (¬3) هاربًا فيُتَّبَع، وإنّما كانوا في حصونهم لم يَبْرَحوا منه، وكانوا قد أعانوا أبا سفيان والأحزاب بالرأي والسلاح، ونقضوا العهد (¬4)، وقد رامهم أبو سفيان وقريش أن يخرجوا فيقاتلوا معهم، فأبَوا عليهم، إلاّ أن يُعطوهم رهنًا يكون بأيديهم وثيقة، قالوا: فإنّا نخشى إن ضرستكم (¬5) الحرب،
¬__________
(¬1) في الأصل: "أدخل"، والصواب المثبت.
(¬2) قال الشافعي في "الأم" (1/ 250): "ولا يجوز لأحد أن يصلّى صلاة الخوف إلّا بأن يعاين عدوًّا قريبًا غير مأمون أن يحمل عليه، يتخوّف حمله عليه من موضع، أو يأتيه من يصدّقه بِمثل ذلك من قرب العدوّ منه أو مسيرهم جادّين إليه، فيكونون هم مخوَّفين".
وانظر المصدر نفسه (1/ 258 - 259).
(¬3) كانت غزوة بني قريظة بعد الأحزاب مباشرة في آخر ذي القعدة وأوّل ذي الحجّة من السنة الخامسة للهجرة، انظر: "الطبقات" لابن سعد (2/ 74)، و"السيرة" لابن هشام (3/ 324).
(¬4) وهذا هو سبب غزوة بني قريظة، ينظر تفصيله في: "مغازي" الواقدي (3/ 454 - 459)، و"تاريخ الرسل والملوك" للطبري (3/ 570 - 573)، وابن حزم "جوامع السيرة" (187 - 188)، و" الدرر" لابن عبد البرّ (181 - 183)، وابن سيّد الناس" عيون الأثر" (3/ 59 - 60)، و"البداية والنهاية" (4/ 103 - 104)، وكلّ هؤلاء ذكروا خبر غدر بني قريظة دون إسناد.
(¬5) في الأصل: "ضرستكم بينكم"، والصواب المثبت.
وكذا وردت في كتب السيرة، انظر: "الاكتفاء بما تضمّنه من مغازي رسول الله" (2/ 129)، "تاريخ =