كتاب الأجوبة عن المسائل المستغربة من كتاب البخاري

وقد أمر الله عز وجل عند التنازع بالردّ إلى كتاب الله وسنّة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يجعل في الاختلاف والتفرّق حجّة، بل ذمّ ذلك ومدح الإجماع وتواعد من اتّبع غير سبيل المؤمنين أن: {نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ} الآية، فما أجمعوا عليه فحقّ، وما اختلفوا فيه فواجب النظر فيه وردّه إلى أشبه الأشياء به من الكتاب والسنّة والأصول الصحيحة، وبالله التوفيق.
وأمّا قولك: "إنْ أَخَذ الرهن بالمُسْلَم فيه فكأنّه اقتضاه قبل أجله"، فقول ضعيف؛ لأنّ الرهن وثيقة، وليس في الاستيثاق شيء من معنى الاقتضاء لأنّه لو شاء أن يُتبع الرهن في سَلمه قبل حلول أجله لم يكن ذلك له (¬1)، ولو كان الرهن كالقضاء لم يصحّ بالدين المؤجَّل أبدًا، والرهن أشبه بالإشهاد منه بالاقتضاء، ولذلك جعله الله بَدَلًا من الكتاب والإشهاد بقوله: {وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283]، والله أسأل السداد والرشاد.
¬__________
(¬1) المقصود: ليس لمن أسلم سلعة أن يأتي بعدُ ويطلب رهنًا.

الصفحة 230