كتاب الأجوبة عن المسائل المستغربة من كتاب البخاري

روى ابن وهب وابن المبارك عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن ابن المسيّب وأبي سلمة عن أبي هريرة قال: اقتتلت امرأتان مِن هُذَيل، فضربت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها، فاختصموا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقضى أنّ دية جنينها عبدًا أو وليدة، وقضى بدية المرأة على عاقلة القاتلة، فقال حمل بن مالك بن النابغة الهذلي: يا رسول الله؛ أَغْرَم من لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا اسْتَهَلَّ، فمثل ذلك (يُطَلُّ) (¬1)، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ هَذَا مِنْ إِخْوَانِ الكُهَّانِ"، من أجل سَجْعِه الذي سَجَع (¬2).
فاحتج من أثبت شبه العمد بحديث أبي هريرة هذا.
وعن جابر عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مثله (¬3)، وروايات رُوِيَت في ذلك أيضًا عن حمل
¬__________
= الدارقطني (9/ 348 - 363) حيث صوّب الدارقطني رحمه الله رواية مالك عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة، وعن الزهري عن سعيد بن المسيّب مرسلًا.
(¬1) في الأصل: "يطال"، والصواب المثبت؛ لأنّ كلّ روايات الحديث جاءت بلفظ: "يُطَلّ".
ومعنى يُطَلّ: أي يُهدَر، يقال: طُلَّ دمه، وأُطِلّ، وأطلّه، وأجاز الكسائي بناءه للمعلوم، أي: طلّ. انظر: "النهاية" لابن الأثير (3/ 136).
(¬2) الحديث أخرجه البخاري في [الديات (6910) باب جنين المرأة وأنّ العقل على الوالد وعصبة الوالد لا على الولد] من طريق ابن وهب، وكذا أخرجه مسلم في [القسامة (1681) باب ديّة الجنين ووجوب الديّة في قتل الخطإ وشبه العمد على عاقلة الجاني] من طريق ابن وهب، ولم أجده من رواية ابن المبارك عن يونس، ولا أشار إليه المصنّف في "التمهيد"، ولا الدارقطني في "العلل".
(¬3) أخرجه أبو داود في "السنن" في [الديّات منه (4575) باب ديّة الجنين، وابن ماجه في [الديّات (2648) باب عقل المرأة على عصبتها وميراثها لولدها] وابن أبي شيبة برقم (27289) من طريق مجالد عن الشعبي عن جابر به مختصرًا، قال المنذري في "مختصره" (6/ 369): "وفي إسناده مجالد بن سعيد، وقد تكلّم فيه غير واحد ". =

الصفحة 235