كتاب الأجوبة عن المسائل المستغربة من كتاب البخاري

وقال الليث: "كلّ ما عمد به إنسان إنسانًا فضربه به فمات المضروب، ففيه القصاص، ولو ضربه بأصبعه" (¬1).
ومن الحجّة لقائل هذه المقالة: أنّ القرآن إنّما نطق بالعمد والخطأ، والأحاديث في شبه العمد مضطربة، فأمّا الحديث المأثور في المرأة الهُذَلِية التي رمت صاحبتها بحجر أو بمسطح فقتلتها وجنينها فقد روي على نحو ما ذهبنا إليه، وعلى خلاف ما تقدّم، روى أبو عاصم النبيل (¬2) وحجّاج بن محمّد عن ابن جريج قال: أخبرني عمرو بن دينار عن طاووس عن ابن عبّاس: "أنّ عمر بن الخطّاب أنشد الناس ما قضى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الجنين، فقام حمل بن مالك بن النابغة، فقال: إنّي بين امرأتين؛ وإنّ إحداهما ضربت الأخرى بِمِسْطَح فقتلَتْها وجنينَها، فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الجنين بغُرَّة، وقضى في المرأة أن تُقتَل مكانها" (¬3).
¬__________
(¬1) انظر: "أحكام القرآن" للجصّاص (2/ 229).
(¬2) هو: الضحّاك بن مخلد بن الضحّاك بن مسلم الشيباني، أبو عاصم النبيل البصري، ثقة ثبت، مات سنة (212) أو بعدها.
(¬3) أخرجه أبو داود في [الديات (4572) باب دية الجنين]، وابن ماجه في [الديات (2641) باب الميراث من الدية]، والدارمي (2341)، وابن حبّان (6021)، والدارقطني (3/ 115 - 117)، والطحاوي (3/ 188)، والبيهقي (8/ 114)، من طريق أبي عاصم، والنسائي في [القسامة (4739) باب قتل المرأة بالمرأة] من طريق حجّاج بن محمّد، إلّا أن البيهقي قال بعد إيراد الحديث: "شكّ فيه عمرو ابن دينار، والمحفوظ أنّه قضى بديتها على عاقلة القاتلة".
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
وقال المنذري في "مختصر سنن أبي داود" (6/ 367): " قوله: "أن تقتل" لم يذكر في غير هذه الرواية، وقد روي عن عمرو بن دينار أنّه شكّ في قتل المرأة بالمرأة ". =

الصفحة 241