كتاب فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري (اسم الجزء: 1)

وقبحها، والله لأسمعن منه فإن كان أمره رشدا أخذته منه وإلا اجتنبته، فنزع القطن فلم يسمع كلاما أحسن من كلامه، فلحقه إلى بيته ودخل معه وأخبره الخبر، وقال: اعرض عليَّ دينك؛ فعرض عليه الإِسلام فأسلم (¬1).
فينبغي للدعاة إلى الله عز وجل أن يعتنوا بتذكير الناس بالقرآن الكريم، وبسنة محمد صلى الله عليه وسلم. والله المستعان.
ثامنا: من صفات الداعية: الصبر على الأذى والابتلاء: دل هذا الحديث على أهمية الصبر على الأذى والابتلاء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صبر الأذى والابتلاء كما في هذا الحديث حيث صدر الأذى من المنافق عبد الله بن أبيِّ بن سلول، بالتأفف وقوله: " لا أحسن مما تقول إن كان حقا فلا تؤذنا به. . . " ومما يدل على ذلك ما جاء في هذا الحديث أيضا: " وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب كما أمرهم الله، ويصبرون على الأذى قال الله تعالى: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [آل عمران: 186] (¬2).
وقال عز وجل: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} [البقرة: 109] (¬3).
وهذا يبين للدعاة ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من الصبر على الأذى والابتلاء (¬4) فينبغي الاقتداء به صلى الله عليه وسلم (¬5).
تاسعا: من وظائف الداعية: إطفاء نار الفتن: إن من الوظائف المهمة للداعية إطفاء نار الفتن وإخمادها، وقد دل هذا الحديث على ذلك؛ لأن المسلمين استبوا والمشركين واليهود حينما قال عبد الله بن رواحة
¬_________
(¬1) انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي 1/ 345.
(¬2) سورة آل عمران، الآية 186.
(¬3) سورة البقرة، الآية 109.
(¬4) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم 12/ 401، وإكمال إكمال المعلم للأبي، 6/ 444.
(¬5) انظر: الحديث رقم 9، الدرس الثامن، ورقم 66، الدرس الأول.

الصفحة 625