كتاب فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري (اسم الجزء: 1)

رضي الله عنه: " بلى يا رسول الله فاغشنا في مجالسنا فإنا نحب ذلك " وعبد الله بن أبيٍّ يقول: " إن كان حقا فلا تؤذنا به في مجالسنا " فاستمر السباب حتى كاد بعضهم يثور على بعض بالقتال والمشاجرة. فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يسكنهم حتى سكتوا ثم ركب دابته بعد أن أطفأ الفتنة وسار، وهذا فيه حكمة أخرى، وهو أنه فارق ذلك المجلس؛ لئلا تعود المشاجرة والمسابة مرة أخرى.
فينبغي للداعية أن يكون مفتاحا للخير والصلح والسلامة، والله الموفق. (¬1).
عاشرا: من أصناف المدعوين: المشركون: دل هذا الحديث على أن من أصناف المدعوين المشركون؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم عم بالدعوة المشركين الذين في مجلس عبد الله بن أبيٍّ وقرأ على الجميع القرآن الكريم ودعاهم إلى الله عز وجل.
فينبغي للداعية أن يعتني بدعوة المشركين على حسب الطرق الحكيمة في دعوتهم إلى الله عز وجل (¬2).
الحادي عشر: من أصناف المدعوين: اليهود: ظهر في هذا الحديث أن اليهود من أصناف المدعوين؛ ولهذا عم النبي صلى الله عليه وسلم اليهود الذين في مجلس عبد الله بن أبي بدعوته وقرأ عليهم القرآن، وذكرهم. ولا شك أن اليهود قلوبهم قاسية كالحجارة أو أشد قسوة إلا من هدى الله منهم للإِسلام، ولكن ينبغي مع ذلك دعوتهم إلى الإِسلام وإقامة الحجة عليهم حسب الطرق الحكيمة في دعوتهم إلى الله سبحانه وتعالى (¬3).
الثاني عشر: من أصناف المدعوين: المسلمون: دل هذا الحديث على أن المسلمين من أصناف المدعوين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم شملهم بالدعوة والتذكير وقراءة القرآن في مجلس عبد الله بن أبيٍّ؛ ولكن
¬_________
(¬1) انظر: فتح الباري، لابن حجر، 8/ 232.
(¬2) انظر: الحديث رقم 91، الدرس الثامن.
(¬3) انظر: الحديث رقم 89، الدرس العاشر.

الصفحة 626