كتاب فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري (اسم الجزء: 1)

ينبغي للداعية أن يراعي أحوالهم والطرق الحكيمة في دعوة المسلمين؛ لأن المسلمين ينقسمون إلى قسمين: قسم ينقادون للحق ولا يعاندون فهؤلاء يكفي في دعوتهم أن يبين لهم الحق علما وعملا واعتقادا، وحينئذ ينقادون لذلك. وقسم من المسلمين عندهم: غفلة وشهوات، وأهواء، وهم عصاة المسلمين، فهؤلاء تكون دعوتهم عن طريق ثلاثة مسالك:
1 - الموعظة الحسنة: وهي الأمر والنهي المقرون بالترغيب والترهيب، والقول الحق الذي يلين القلوب، ويؤثر في النفوس، ويكبح جماح النفوس المتمردة، ويزيد النفوس المهذبة إيمانا وهداية (¬1) قال الله عز وجل: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} [النساء: 66] (¬2).
والوعظ في الحقيقة ينبغي أن يكون على نوعين:
(أ) وعظ التعليم: ويكون ببيان عقائد التوحيد، وبيان الأحكام الشرعية الخمسة: من الواجب، والحرام، والمسنون، والمكروه، والمباح، مع مراعاة ما يناسب كل طبقة. وينبغي أن تساق هذه الأحكام مساق الوعظ، ولا تسرد سردا خاليا من وسائل وأساليب التأثير، وأسلوب القرآن على هذا، يبين الحكم مقرونا بالترغيب، أو الترهيب، أو الجمع بين الأمرين؛ ولهذا يأخذ بمجامع القلوب، وحينئذ تستقبل العقائد والأحكام برغبة واشتياق للعمل والتطبيق.
(ب) وعظ التأديب: ويكون بتحديد الأخلاق الحسنة: كالحلم والأناة، والصبر والكرم، والوفاء، والأمانة. . . وبيان آثارها ومنا فعها في المجتمع، والحث على التخلق بها والتزامها، وتحديد وتعريف الأخلاق السيئة: كالغضب، والعجلة، والغدر، والجزع، والجبن، والبخل، والتحذير من الاتصاف بها من طريقي: الترغيب والترهيب. ويكون ذلك مقرونا بالأدلة من الكتاب والسنة (¬3).
¬_________
(¬1) انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية 19/ 164، ومفتاح دار السعادة لابن القيم 1/ 474.
(¬2) سورة النساء، الآية 66.
(¬3) انظر: تفسير ابن كثير، 1/ 266، 462، وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للسعدي، 1/ 278، 2/ 35، وهداية المرشدين لعلي بن محفوظ ص 143 - 145 وص 192 وص 241 - 244.

الصفحة 627