كتاب فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري (اسم الجزء: 1)

ومعية خاصة لأهل الإِيمان والتقوى، ومقتضاها: الحفظ، والعناية، والنصرة، والتوفيق، كقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل: 128] (¬1) وقوله {وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 249] (¬2) والمعية الخاصة من الصفات الفعلية (¬3) وقوله صلى الله عليه وسلم: «إنه سميع قريب» قال الله عز وجل: {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ} [هود: 61] (¬4).
فمن أسماء الله سبحانه وتعالى " القريب "، ومن صفاته القرب، وقربه عز وجل نوعان: قرب عام، وهو إحاطة علمه بجميع الأشياء، وهو أقرب للإِنسان من حبل الوريد، وهو بمعنى المعية العامة. وقرب خاص بالداعين، والعابدين، والمحبين، وهو قرب يقتضي المحبة والنصرة، والتأييد في الحركات والسكنات، والإِجابة للداعين، والقبول والإِثابة للعابدين (¬5) قال الله عز وجل: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186] (¬6).
وإذا فهم القرب بهذا المعنى في العموم والخصوص لم يكن هناك تعارض أصلا بينه وبين ما هو معلوم من وجوده تعالى فوق عرشه، فسبحان من هو عليّ في دنوّه قريب في علوِّه (¬7).
فينبغي للداعية أن يوضح هذه العقيدة للمدعوين والله ولي التوفيق (¬8).
ثالثا: محبة الصحابة لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: إن الصحابة رَضِيَ اللَّه عَنْهم يحبون رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أكثر من أنفسهم، وأولادهم،
¬_________
(¬1) سورة النحل، الآية 128.
(¬2) سورة البقرة، الآية 249.
(¬3) انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية، 5/ 103 - 104.
(¬4) سورة هود، الآية 61.
(¬5) انظر: الحق الواضح المبين في شرح توحيد الأنبياء والمرسلين من الكافية الشافية للسعدي ص 64، وشرح العقيدة الواسطية لابن عثيّمين 1/ 400.
(¬6) سورة البقرة، الآية 186.
(¬7) انظر: شرح القصيدة النونية لابن القيم، للدكتور محمد خليل الهراس 2/ 92، وتوضيح المقاصد وتصحيح القواعد، شرح قصيدة ابن القيم، لأحمد بن إبراهيم بن عيسى 2/ 229.
(¬8) انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية 5/ 5 - 121 [الفتوى الحموية الكبرى] و 3/ 129 - 159 [العقيدة الواسطية] وانظر: الحديث رقم 39، الدرس الأول.

الصفحة 642