كتاب فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري (اسم الجزء: 1)

وسمعت سماحة العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله يقول: " النزول فيه السفول فناسب التسبيح؛ لأن الله في العلوِّ، والصعود فيه ارتفاع فناسب التكبير؛ لأن الله فوق العرش " (¬1) ولا مانع مع ذلك أن يستشعر المسلم عفو الله وقدرته عليه في بطون الأودية وغيرها، فيسبح الله لتعظيمه وعلوِّه وتنزيهه عن النقائص؛ ولينجيه كما أنجى يونس من الظلمات وبطن الحوت (¬2).
قال الله عز وجل: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ - لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [الصافات: 143 - 144] (¬3).
فينبغي للداعية أن يكون منزِّها لله مسبحا؛ فإن الله عز وجل يسبحه كل شيء كما قال سبحانه وتعالى: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [الإسراء: 44] (¬4) ولمكانة التنزيه لله عز وجل جعل الله الثواب العظيم على ذلك، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر» (¬5) وعن مصعب بن سعد، عن أبيه رضي الله عنه قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة؟ " فسأله سائل من جلسائه: كيف يكسب أحدنا ألف حسنة؟ قال: " يسبح مائة تسبيحة فيكتب له ألف حسنة، أو يحط عنه ألف خطيئة» (¬6) وهذا يؤكد على الداعية الصادق أن يعتني بالتسبيح؛ لعظمته ومكانته عند الله، ولثوابه الكبير.
¬_________
(¬1) سمعته من سماحته أثناء شرحه لحديث رقم 2993، ورقم 2994 من صحيح البخاري.
(¬2) انظر: فتح الباري لابن حجر، 6/ 136.
(¬3) سورة الصافات، الآيتان 143 - 144.
(¬4) سورة الإسراء، الآية 44.
(¬5) متفق عليه: البخاري، كتاب الدعوات، باب فضل التسبيح، 7/ 215، برقم 6405، ومسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء، 4/ 2071، برقم 2691.
(¬6) مسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل التهليل والتسبيح، والدعاء، 4/ 2073، برقم 2698.

الصفحة 650