كتاب فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري (اسم الجزء: 2)

12 - دعوة الوالدين مستجابة؛ ففي حديث أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رجلًا عابدًا، وكان في صومعة له، فأتته أمه وهو يصلي فقالت: يا جريج أنا أمك كلمني، فقال: يا رب أمي وصلاتي، فأقبل على صلاته، وفي اليوم الثاني كذلك فأقبل على صلاته، وفي اليوم الثالث أتته، فقال: رب أمي وصلاتي فأقبل على صلاته، قالت: "اللهم لا تمته حتى ينظر إلى وجوه المومسات" فاستجاب الله دعاءها فبهتته بغي من بني إسرائيل حامل من الزنا، وقالت: هو الذي فعل بها، فعذب وهدمت صومعته، وأخيرًا أنجاه الله بعد العقوبة العاجلة (¬1).
وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة الوالد، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم " (¬2).
13 - ولعظم حقهما أكرم الله من برهما بإجابة دعواته، ومن ذلك حديث الثلاثة الذين انحدرت عليهم صخرة عظيمة فأغلقت عليهم باب الغار؛ فإن منهم رجلًا كان برًا بوالديه، فتوسل بذلك العمل الصالح فاستجاب الله دعاءه (¬3) ومن ذلك إخبار النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أفضل التابعين وأنه لو أقسم على الله لأبره، والسبب أن له والدة هو بها بر (¬4).
فينبغي للداعية أن يحض الناس ويحثهم على بر الوالدين، ويحذرهم من العقوق والقطيعة؛ فإن تعليم الناس ما ينفعهم مما أوجب الله عليهم من أهم الواجبات والله المستعان.
¬_________
(¬1) انظر: صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا) 4/ 168، برقم 3436، ومسلم، كتاب البر والصلة، باب تقديم بر الوالدين على التطوع بالصلاة وغيرها، 4/ 1976، برقم 2550.
(¬2) أبو داود، كتاب الصلاة، باب الدعاء بظهر الغيب، 2/ 89، برقم 1536، والترمذي، كتاب البر والصلة، باب ما جاء في دعوة الوالدين، 4/ 314، برقم 1905، وابن ماجه، كتاب الدعاء، باب دعوة الوالد ودعوة المظلوم، 2/ 1270، برقم 3862 وحسنه الألباني في صحيح الأدب المفرد للبخاري ص 43، وانظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني 2/ 147، برقم 596.
(¬3) متفق عليه: انظر: البخاري، كتاب البيوع، باب إذا اشترى شيئًا لغيره بدون إذنه فرضي، 3/ 50، برقم 2215، ومسلم، كتاب الذكر والدعاء، والتوبة والاستغفار، باب قصة أصحاب الغار الثلاثة والتوسل بصالح الأعمال، 4/ 2099 برقم 2743.
(¬4) مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل أويس القرني، 4/ 1968 برقم 2542.

الصفحة 667