كتاب فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري (اسم الجزء: 2)

وعن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يرفعه: «أوثق عرى الإيمان: الموالاة في الله، والمعاداة في الله، والحب في الله، والبغض في الله» وله شواهد منها حديث عبد الله بن مسعود والبراء (¬1) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما ومن أعظم الأحاديث في الولاء حديث أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن الله قال من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب». . . " (¬2) وقد بين الله عَزَّ وجَلَّ أولياءه الكمل فقال: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ - الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ - لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [يونس: 62 - 64] (¬3) وأولياء الله درجات في الكمال الإيماني قال الله عَزَّ وجَلَّ: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} [فاطر: 32] (¬4).
ولا شك أن الولاء والبراء مبنيان على قاعدة: الحب والبغض، فينبغي للداعية أن يوضح للناس ويحضهم على الموالاة والمعاداة وتكون على ثلاثة أوجه: 1 - من يحب محبة كاملة: وهذه المحبة للمؤمنين المتقين: من الأنبياء والمرسلين وعباد الله المحسنين القائمين بجميع ما أمر الله به، المبتعدين عن جميع ما نهى الله عنه.
2 - من يحب من وجه ويكره من وجه؛ لأنه قد يجتمع في المؤمن ولاية من وجه وعداوة من وجه آخر وهذا هو المسلم الذي خلط عملًا صالحًا وآخر سيئًا فيحب ويوالى على قدر ما معه من الخير، ويبغض ويعادى على قدر ما معه من الشر.
¬_________
(¬1) أما حديث ابن عباس فأخرجه الطبراني في المعجم الكبير، 11/ 215، برقم 1157، وأما حديث عبد الله بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فأخرجه الطبراني أيضًا في المعجم الكبير، 10/ 171، برقم 10357 و10/ 220، برقم 10531، والحاكم 2/ 480، وأما حديث البراء رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فأخرجه أحمد في المسند، 4/ 286، وقال الألباني "قلت: فالحديث بمجموع طرقه يرتقي إلى درجة الحسن على الأقل، والله أعلم" انظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة، 4/ 307، برقم 728، و 2/ 734. برقم 998.
(¬2) البخاري، كتاب الرقاق، باب التواضع، 7/ 243، برقم 6502.
(¬3) سورة يونس، الآيات: 62 - 63.
(¬4) سورة فاطر، الآية: 32.

الصفحة 686