كتاب قواعد العلل وقرائن الترجيح

ظاهره السَّلامة. فللعلة ركنان هما: -
1. الخفاء والغموض.
2. القدح في الحديث، سنداً أو متناً.
ويلزم عليه أنه إن تخلَّف أحدهما فلا يسمى الحديث مُعَلاً اصطلاحاً.
وهذا التَّعريف الذي استقرَّ مؤخراً - وهو ما سار عليه غالب العلماء.
فهو يخصِّص العلَّة ويحصرها بوصفين، أما السابقون من المحدِّثين فإن العِلَّة عندهم أعمُّ مما اشتهر بعد، فهي: «كلُّ ما أثَّر - ولو لم يقدح - في الحديث سنداً أو متناً، لفظاً أو معنىً، ظهر أم خفي» .
حيث نجد في كتب الحديث والعلل الكثيرَ من تعليلِ أحاديثٍ بغيرِ ما تقدَّم في التعريف الأول (¬1) ، فيعللون بعلل غير خفية بل في غاية الوضوح كالرَّاوي المتروك (¬2) ، ويعللون بغيْر قادحٍ كتغيير الصَّحابي.
ويشهد لذلك تسميةُ التِّرمذيِّ المنسوخَ معلولاً لعدم العمل به (¬3) ، لا لعدم صحته، لاشتمال الصَّحيح على أحاديث منسوخة (¬4) .
¬_________
(¬1) علوم الحديث لابن الصلاح (122-التقييد) والنكت لابن حجر (2/771) وتوضيح الأفكار (2/27) .
(¬2) قال ابن أَبي حاتم: «سألت أَبي عن حديث رَوَاهُ عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن آبائه أن علياً انكسرت إحدى زنديه فأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يمسح على الجبائر فقال أَبي: هذا حديث باطل، لا أصل له، وعمرو بن خالد: متروك الحديث» - العلل (1/46) . وسئل الدارقطني عن حديث آخر من حديث ابن عباس عن أَبي بكر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه» . فقال: يرويه الوليد بن سلمة الأردني، وهو متروك الحديث عن عمر بن قيس سندل، وهو ضعيف أيضاً ويضطرب في إسناده ... » - العلل للدارقطني (1/213) .
(¬3) فتح المغيث (1/272) .
(¬4) النكت للزركشي (2/215) .

الصفحة 10