كتاب الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة (اسم الجزء: 1)

أولياء الله الصالحين" ثم قال: "فكان ربما لقيه قوم فيسلم على بعضهم ويتفرس في آخرين فراسة سوء، فيقف عن السلام عليهم، فيكشف عنهم، فيوجدون على ضلالة، وله في هذا الباب أخبار مأثورات كثيرة .. ".
وقال: "قال عمر بن مثنى: كل من أدركت بهذا الساحل من عالم أو عابد، يستتر ويتروى بدينه، خوفًا من بني عبيد، إلا أبا إسحاق، فإنه واثق بالله، ملم .. ومسك الله به قلوب المؤمنين، وأعز به الدين، وهيّبه في أعين المارقين".
قلت: وكان له مع الشيعة مواقف يذود عن السنة ضدهم كما في حادثته مع سلطان الشيعة في وقته عندما أراد به السوء، وأرسل له من يتجسس له ضده، فعندما علم به الشيخ البكري دعا على الرجل الذي تجسس عليه بعد أن ادعى ذلك الرجل عن الشيخ: أنه عدو السلطان في دينه وأموره، فذهبت عيناه. انظر الترتيب نقلناها منه مختصرًا.
وهو في ذلك لا يعطي للسلطان أو غيره من الشيعة مجالًا ضد أهل السنة، رحمه الله تعالى.
وذكر أيضًا في الترتيب: "قال بعض أصحابه: لما حججت أتيت معي بحصيات من حصباء المسجد الحرام، فقلت لأبي إسحاق: إني أتيت معي بحصيات من حصباء المسجد الحرام، أتحب أن أعطيك منهن شيئًا تسبح بها؟ فقال لي: يا أحمق، أرم بهن، فعلى أقل من هذا، عبدت الحجارة".
وقال: "قال محمد بن سهلون: قلت لأبي إسحاق، ما تقول في يزيد بن معاوية؟ فسكت عني. ثم قال لي: إن أهل السنة لا يكفرون أحدًا من أهل القبلة بذنب دون الشرك. ولكن ليس على المرء أن يحب ما يكره، كما يحب ما يحبه". ثم قال القاضي عياض: "وقال: لو سألت عنه المسألة أبا الحسن الأشعري فيما أراه ما كان يجيب فيها بأكثر من هذا .. " أ. هـ.
* الديباج: "كان من أعلم الناس باختلاف العلماء عالمًا بعبارة الرؤيا، ويعرف حظًا من اللغة والعربية، حسن القراءة للقرآن، يحسن تفسيره وإعرابه، وناسخه ومنسوخه .. "
وقال أيضًا: "وكان أبو الحسن القابسي يقول: الجبنياني إمام يقتدى به، وكان أبو محمد بن أبي زيد يعظم شأنه، . ويقول: طريق أبي إسحاق خالية لا يسلكها أحد في الوقت" أ. هـ.
* شجرة النور: "من العلماء العاملين والأولياء الصالحين مجمع على فضله وورعه، معروف يتبرك به" أ. هـ.
قلت: ولقد ذكر له القاضي عياض في ترتيب المدارك أحوالًا من الكرامات والزهد والورع والعبادة واستقصاره بنفسه وعلى أهله ما يدل على فضله وحسن دينه على ما فيه من تقشف واقتصار ينهج فيه نهج المتصوفة في وقته. كما قال عندما عوتب في تقشفه هذا: "الرقاد مع الكلب على المزابل وأكل خبز الشعير، بنخالته، كثير لمن كان يرجو في الآخرة شيئًا" أ. هـ. من ترتيب المدارك.
فائدة من أقواله: وكان قلما يترك ثلاث كلمات جامعة للخير: "اتبع لا تبتدع، اتضع لا ترتفع، منْ ورع لم يتسع"، ويقول: "إذا رأتك زوجتك وولدك وخادمك تعصي الله كان أول من يذلك هم".

الصفحة 9