كتاب الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة (اسم الجزء: 1)
أنه مات شهيدًا سنة (400) في بعض الوقائع، ثم ذكر موقفه بالرد على الشيعة وذبه عن السنة، وقوله: قد أربيت على التسعين، ... ، ثم قال: وذلك أنهم -أي الشيعة- لما ملكوا البلد أظهروا تبديل الشرائع والسنن وبدروا إلى رجلين من أصحاب سحنون قتلوهما وعرّوا أجسادهما ونودي عليهما ... الخ. ثم ذكر لياقوت هنا وهم واضح:
وهو أنه جمع ترجمتين لشخصين مختلفين في ترجمة واحدة، وهما: سعيد بن صبيح المعروف بابن الحداد المتوفى سنة (302) والثاني وهو سعيد بن محمّد المعروف بابن الحداد، وهو الذي توفي شهيدًا في إحدى الوقائع سنة (400) وليست له هذه المؤلفات وليس له من الثناء كما لشيخ
المالكية الأول ثم إنه ليس له مناظرات مع الشيعة -أعني الثاني- ومما يرجح ذلك أيضًا:
1 - قول صاحب الترجمة: "قد أربيت على التسعين"، وهذا هو قول الأول شيخ المالكية، والثاني هو المترجم له في الصلة كما سيأتي.
2 - وقوله أعني ياقوت: "وبدروا إلى رجلين من أصحاب سحنون ... " فأصحاب سحنون لم يبق منهم أحد إلى سنة (400) -قطعًا- فسحنون إمام المالكية توفي سنة (240).
3 - قول ياقوت: "لما ملكوا البلد -يعني الشيعة" وإنما كان دخول الشيعة وتملكهم في أواخر القرن الثالث وأما في سنة (400) فإن دولة بني عبيد قائمة، انظر (الموسوعة العامة لتاريخ المغرب والأندل [2/ 172] والشذرات [4/ 523]).
فالذي تصدى لهم قطعًا هو ابن الحداد شيخ المالكية- وهو الأول المتوفى سنة [302].
4 - وأظن أن الذي أوقع ياقوت في هذا الوهم أنه ينقل عن الصلة لابن بشكوال والبغية للضبي، والتكملة وغيرها فقد أورد ابن بشكوال ترجمة واحدة لسعيد بن محمد، أبي عثمان، ويعرف بابن الحداد، ثم ذكر أنه مات شهيدًا في إحدى الوقائع بعد سنة (400)، انظر الصلة (1/ 209)، وهو الذي تأتي ترجمته بعد هذا.
فهذا الذي مات شهيدًا هو رجل آخر وليس هو شيخ المالكية قطعًا لعدة أمور منها:
- اختلاف سنة الوفاة وسببها فالأول مات (302) والثاني في (400) أو بعدها)، في إحدى الوقائع شهيدًا.
- اختلاف المشايخ فالأول تلميذ سحنون والثاني تلميذ ابن الغوطية.
- اختلاف الموطن فالأول قيروانن والثاني قرطبي.
- اختلاف أحوالهم، فالأول شيخ المالكية، والآخر لغوي.
- اختلاف المؤلفات. فللأول مؤلفات كثيرة ذكرت بعضها في ترجمته وهي في معجم الأدباء (3/ 1373)، والوافي (15/ 157).
- ثم إن الأول هو صاحب المواقف مع الشيعة، وليس للثاني مثل هذا.
- من أجل ما تقدم جميعًا جزمنا أن صاحب الترجمة هو المتوفى سنة (302) وهو المقصود بكل ذلك الثناء والمواقف المحمودة وهو شيخ المالكية وأن الثاني هو الذي مات شهيدًا سنة (400)
الصفحة 959
3138