كتاب الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة (اسم الجزء: 1)

قول وعمل ونية -يزيد وينقص- وتقدمة الشيخين (إلى أن قال):
يا شعيب، لا ينفعك ما كتبت، حتى ترى المسح على الخفي، وحتى ترى أن إخفاء "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" أفضل من الجهر به. وحتى تؤمن بالقدر، وحتى ترى الصلاة خلف كل بر وفاجر، والجهاد ماض إلى يوم القيامة، والصبر تحت لواء السلطان جائر أو عدل.
فقلت: "يا عبد الله، الصلاة كلها"؟ قال: "لا، ولكن صلاة الجمعة والعيدين صل خلف من أدركت -وأما سائر ذلك، فأنت مخير- لا تصل إلا خلف من تثق به وتعلم أنه من أهل السنة- إذا وقفت بين يدي الله، فسألك عن هذا، فقل: يا رب، حدثني بهذا سفيان الثوري، ثم دخل بيني وبين الله عزَّ وجلَّ".
فيظهر من هذا الكتاب أن الثوري كان يعتقد كسائر أئمة أهل السنة، وكان يقدم الشيخين- أما عُثْمَان وعلي رضي الله عنهما، فلعله كان يسكت عن تقديم أحدهما على الآخر، ويحب كليهما، لأنه كان يقول: "لا يستقيم حب علي وعثمان، رضي الله عنهما، إلا في قلب نبلاء الرجال، وإن الخلفاء الراشدين خمسة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعمر بن عبد العزيز، رضي الله عنهم، ومن اعتقد خلاف هذا، فهو متجاوز عن الحد".
وعده الشهرستاني في الصفاتية الذين لم يتعرضوا للتأويل في الصفات ولا تهدفوا للتشبيه.
وكان يبغض المرجئة الذين يقولون إن الإيمان تصديق فقط، ولذا لا يزيد ولا ينقص، حتى إنه سئل مرة أن يصلى على مرجئ قد مات، فأبى.
وروى القفطي أنه لقى مرة ما شاء الله اليهودي المنجم، فقال له: "ما شاء الله! أنت تخاف الزحل وترجو المشتري- وأنا أخاف ربهما") أ. هـ.
• قلت: ورغم ما ذُكر فهو إمام أهل السنة، الثقة الإمام الورع، ولعل ما نقلناه عن الذهبي يوجه القول، ويأتي بخير لرجال أمة الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
من أقواله: تاريخ الإسلام: "قال علي بن ثابت: سمعته يقول: طلبت العلم فلم تكن لي نية، ثم رزقني الله النية.
قال داود بن يحيى بن اليمان: سمعت أبي يقول: قال الثوري: لما هممت بطلب الحديث ورأيت العلم يُدرَس، قلت أي رب إنه لا بد لي من معيشة فاكفني أمر الرزق وفرغني لطلبه فتشاغلت بالطلب فلم أر إلا خيرًا إلى يومي هذا".
عن سفيان قال: لا يجتمع حب علي وعثمان رضي الله عنهما إلا في قلوب نبلاء الرجال.
وعنه قال: امتنعنا من الشيعة أن نذكر فضائل عليّ - رضي الله عنه -.
وعنه قال: الجهمية كفار.
وعنه قال: من سمع من مبتدع لم يسمعه الله بما سمع" أ. هـ.
وفاته: سنة (161 هـ) إحدى وستين ومائة.

1358 - البلنسي *
النحوي، اللغوي، المفسر المقرئ: سفيان بن عبد الرحمن بن محمّد بن عبد الرحمن البلنسي، أبو بحر ابن المدينة.
ولد: سنة (594 هـ) أربع وتسعين وخمسمائة.
¬__________
* بغية الوعاة (1/ 592).

الصفحة 976