كتاب تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل - ت شمس والعمران - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: مقدمة)
علم الجدل والمناظرة. وهكذا السنة النبوية جاءت بتقرير ذلك
وشرحه، وسار الامر على مثل ذلك في عصر الصحابة - رضي الله
عنهم - والسلف، متبصرين بمنهج الوحيين الشريفين.
والجدل بمعتاه الاصطلاحي لم يكن فنا متميزا عن غيره بقواعد
وضوابط تجمعها كتب خاصة، بل كان فنا يستعمله العلماء ويدرونه،
كما يعرفون بعض العلوم الاخرى كا-لأصول واللغة. ومع مرور الزمن
وتناقص المعرفة، وضعف الملكة، واتساع رقعة المملكة الاسلامية،
وا قبال الناس على الدين وتعلمه والتفقه فيه - دونت كثير من العلوم
الالية والمقاصدية، وتطورت حركة التأليف في فنون العلم، حتى إن
الفن الواحد قسم إلى فنون، مثل فن الجدل كان داخلا في فن ال! ف
إلا انه بعد حين صار علما مستقلا، صنفت فيه الكتب والرسائل،
واختلفت فيه المناهج والطرائق، ثم طرا عليه ما طرا على اكثر الفنون
من قوة وضعف، بل وانحراف في مناهجه وقضاياه، خاصة تلك التي
تأثرت بالعلوم العقلية والرسوم المنطقية التي ذهبت بفائدة الفن
الحقيقية، وهي: تحرير الاستدلال الصحيح القائم على أساس الحجة
القوية، والاستدلال المعتبر، والنظر الصحيح. بل اصبحت حقيقته
مجرد شبهة غامضة، واسالميى واه، وشغب زائف.
ويمكننا ان نقول: إن المراحل التي مر بها علم الجدل ثلاث:
المرحلة الأولى: وهي طريقة السلف من الصحابة والتابعين ومن
سار على طريقتهم طريقة القرآن والسنة، وتمتاز هذه الطريقة بما عبر
عنه شيخ الإسلام ابن تيمية إذ يقول: "وكانوا- اي السلف من